للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٨٧ - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد (١)، حدَّثنا


= يستحب أن يلي الإمام، والدارمي في الصلاة ١/ ٢٩٠ باب: من يلي الإِمام من الناس، وصححه ابن خزيمة برقم (١٥٤٢)، وانظر الإِحسان ٣/ ٣٠١ برقم (٢١٩٦).
نقول: إن هذا الحديث جزئية من الجزئيات التي يقوم عليها التغيير في المجتمع، وتمثل دستوره الذي لا يتخلف: يقول تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: ٥٣]، ويقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١١].
فلكي يتغير واقع خارجي لا بد من إحداث تغيير في الواقع الداخلي يشمل الفكر، والتصور، والسلوك، وآنذاك يكون التغيير في الواقع الخارجي بحسب العقيدة التي تبدلت في نفسية الأمة عن هذا الواقع، وبحسب الأخلاقيات التي تفرزها هذه العقيدة لتكون الضابط لسلوك الفرد مع نفسه، ومع الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه.
قال صاحب الظلال -رحمه الله-: "وإنها لحقيقة تلقي على البشر تبعة ثقيلة، قد قضت مشيئة الله وجرت بها سنته: أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر، وأن تنفذ فيهم سنتة بناء على تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم، والنص صريح في هذا لا يحتمل التأويل. وهو يحمل كذلك- إلى جانب هذه التبعة- دليل التكريم لهذا المخلوق الذي اقتضت مشيئة الله أن يكون بعمله أداة التنفيذ لمشيئة الله فيه".
فمخالفة الأمر بتسوية الصفوف تؤدي إلى اختلاف القلوب، والقلوب إذا اختلفت تفرقت بعد تجمع، وتنافرت بعد ائتلاف، وتعادت بعد التواد والتحابب، وتخاصمت بعد التناصح، وفي هذا إذلال للفرد، واستعباد للجماعة، واستعمار للوطن ...... سعوا بانفسهم إلى هذا، {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٢٦]. وانظر شرح مسلم للنووي ٢/ ٧٨ - ٧٩.
(١) محمد بن عبد الرحمن بن محمد هو أبو العباس الدَّغولي، الإمام، العلامة، المجود، شيخ خراسان، قال ابن خزيمة: ما رأيت طول رحلتي مثلَ أبي العباس. كما أثنى عليه أبو أحمد بن عدي، وكان إماماً حافظاً من أرباب الرواية، توفي =

<<  <  ج: ص:  >  >>