الثَّانِي: مَحَلُّهَا مَا عَادَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَوْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَرْبٍ.
الثَّالِثُ: رَأْسُ الْغَنِيمَةِ حَسْبَمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ.
قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: لَا آمُرُك وَلَا أَنْهَاك. فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا إلَّا مُحَلِّلًا وَمُحَرِّمًا. قَالَ الْقَاسِمُ: فَسُلِّطَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ النَّفَلِ؛ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْفَرَسُ مِنْ النَّفَلِ، وَالسِّلَاحُ مِنْ النَّفَلِ. وَأَعَادَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى أَغْضَبَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَدْرُونَ مَا مِثْلُ هَذَا؟ مِثْلُ صَنِيعِ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاءُ عَلَى عَقِبَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلَيْهِ، س فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ انْتَقَمَ اللَّهُ مِنْك لِابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ وَعَطَاءٌ: هِيَ مَا شَذَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخُمُسِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ؛ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: لِمَنْ يُدْفَعُ هَذَا الْخُمُسُ؟ لَمْ يَخْرُجْ مِنَّا. فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ الْخُمُسِ» كَمَا رُوِيَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْإِمَامَ يُعْطِي مِنْهُ مَا شَاءَ مِنْ سَلَبٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. فَأَمَّا هَذَا السُّؤَالُ هَاهُنَا فَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ الَّتِي نَفْلٌ عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَنَا مِنْ الْحَلَالِ عَلَى الْأُمَمِ.
الْمَعْنَى: يَسْأَلُك أَصْحَابُك يَا مُحَمَّدٌ عَنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ الَّتِي نَفَّلْتُكهَا. قُلْ لَهُمْ: هِيَ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَخْتَلِفُوا، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، لِئَلَّا يُرْفَعَ تَحْلِيلُهَا عَنْكُمْ بِاخْتِلَافِكُمْ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا. فَتَسَارَعَ إلَى ذَلِكَ الشُّبَّانُ، وَثَبَتَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ، فَلَمَّا فُتِحَ عَلَيْهِمْ جَاءُوا يَطْلُبُونَ شَرْطَهُمْ، فَقَالَ الشُّيُوخُ: لَا تَسْتَأْثِرُوا بِهِ عَلَيْنَا، كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، لَوْ انْهَزَمْتُمْ لَانْحَزْتُمْ إلَيْنَا، فَأَبَى الشُّبَّانُ وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ لَنَا، فَتَنَازَعُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute