وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: إنَّ ابْنِي كَانَ ثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً؛ وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي.»
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ لِلْخَالَةِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ، وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا. وَالْمَعْنَى يَعْضِدهُ؛ فَإِنَّ الِابْنَ قَدْ أَنِسَ بِهَا فَنَقْلُهُ عَنْهَا إضْرَارٌ بِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ مِنْ لَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُ وَلَدِهَا]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مُعْضِلَةٌ قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ أُمٍّ يَلْزَمُهَا رَضَاعُ وَلَدِهَا بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ فِيهَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا دُونَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ اسْتَثْنَى الْحَسِيبَةَ، فَقَالَ: لَا يَلْزَمُهَا إرْضَاعُهُ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ الْآيَةِ، وَخَصَّهَا فِيهَا بِأَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَهُوَ الْعَمَلُ
بِالْمَصْلَحَةِ
، وَهَذَا فَنٌّ لَمْ يَتَفَطَّنْ لَهُ مَالِكِيٌّ. وَقَدْ حَقَقْنَاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَالْأَصْلُ الْبَدِيعُ فِيهِ هُوَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي ذَوِي الْحَسَبِ، وَجَاءَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ؛ وَتَمَادَى ذَوُو الثَّرْوَةِ وَالْأَحْسَابِ عَلَى تَفْرِيغِ الْأُمَّهَاتِ لِلْمُتْعَةِ بِدَفْعِ الرُّضَعَاءِ إلَى الْمَرَاضِعِ إلَى زَمَانِهِ، فَقَالَ بِهِ، وَإِلَى زَمَانِنَا؛ فَحَقَقْنَاهُ شَرْعًا.
[الْآيَة الثَّانِيَة وَالسَّبْعُونَ قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا]
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: ٢٣٤] فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute