أَعْتَقَ رَقَبَةً. قِيلَ لِنَافِعٍ: مَا التَّأْكِيدُ؟ قَالَ: أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ مِرَارًا؛ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا يَشْهَدُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَثَرِ وَلَا مِنْ النَّظَرِ.
[مَسْأَلَة إذَا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ حَلَّتْ الْكَفَّارَةُ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: إذَا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ كَمَا قَدَّمْنَا حَلَّتْهَا الْكَفَّارَةُ أَوْ الِاسْتِثْنَاءُ، وَكِلَاهُمَا رُخْصَةٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
فَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّهُ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ نَسْقًا عَلَيْهَا لَا يَكُونُ مُتَرَاخِيًا عَنْهَا.
الثَّانِي: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: يَكُونُ مُقْتَرِنًا بِالْيَمِينِ اعْتِقَادًا أَوْ بِآخِرِ حَرْفٍ مِنْهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَاسْتَثْنَى لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُدْرِكُ الْيَمِينَ الِاسْتِثْنَاءَ [وَلَوْ] بَعْدَ سَنَةٍ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: ٦٨] إلَى آخِرِ الْآيَةِ إلَى قَوْلِهِ: {مُهَانًا} [الفرقان: ٦٩] فَإِنَّهَا نَزَلَتْ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ عَامٍ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: ٧٠]. وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هَلْ يَحِلُّ الْيَمِينَ بَعْدَ عَقْدِهَا [أَوْ يَمْنَعُهَا مِنْ الِانْعِقَادِ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِحِلِّ الْيَمِينِ]؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنِّي وَاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهَ» [فَجَاءَ] فِيهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَفْظًا فَكَذَلِكَ يَكُونُ عَقْدًا.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَخَارِجٌ عَنْ اللُّغَةِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: ٧٠] فَإِنَّ الْآيَتَيْنِ كَانَتَا مُتَّصِلَتَيْنِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي لَوْحِهِ؛ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ نُزُولُهَا لِحِكْمَةِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهَا، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا؛ أَمَّا إنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute