للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة الصَّدَقَةُ إلَى آلِ مُحَمَّدٍ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: لَا تُصْرَفُ الصَّدَقَةُ إلَى آلِ مُحَمَّدٍ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ».

وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا، وَقَدْ أَفَضْنَا فِيهَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نُفِيضَ فِيهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ إنَّ الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِجْمَاعِ أُمَّتِهِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ وَاحِدٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لَمْ يَفْتَرِقُوا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا فِي إسْلَامٍ».

قَالُوا: لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُمْ الْخُمُسَ عِوَضًا عَنْ الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: آلُ مُحَمَّدٍ عَشِيرَتُهُ الْأَقْرَبُونَ: بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَآلُ هَاشِمٍ، وَآلُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَآلُ قُصَيٍّ، وَآلُ غَالِبٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «يَا آلَ قُصَيٍّ، يَا آلَ غَالِبٍ، يَا آلَ عَبْدِ مَنَافٍ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ، اعْمَلُوا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ؛ فَإِنِّي لَسْت أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا».

فَبَيَّنَ بِمُنَادَاتِهِ عَشِيرَتَهُ الْأَقْرَبِينَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا: نَحْنُ هُمْ. يَعْنِي آلَ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا.

فَأَمَّا مَوَالِيهِمْ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ: لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِآلِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ لَا فِي التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا هُمْ بَنُو هَاشِمٍ أَنْفُسُهُمْ.

قِيلَ لَهُ يَعْنِي مَالِكًا: فَمَوَالِيهِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الْمَوَالِي؟ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَاحْتَجَجْت عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ»، فَقَالَ: وَقَدْ قَالَ: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ».

<<  <  ج: ص:  >  >>