للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَوْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لَك أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ».

[مَسْأَلَة إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِلزَّوْجَيْنِ]

وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِلزَّوْجَيْنِ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ مَنْعِ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ.

وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ كَانَ يَسْتَعِينُ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا بِمَا يُعْطِيهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيَصْرِفُ مَا يَأْخُذُ مِنْهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ بِحَالٍ.

وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لِحَدِيثِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ.

فَإِنْ قِيلَ: ذَلِكَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.

قُلْنَا: صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَالْفَرْضِ هَاهُنَا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ عَوْدِهِ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ لَوْ كَانَتْ مُرَاعَاةً لَاسْتَوَى فِيهِ التَّطَوُّعُ وَالْفَرْضُ.

[مَسْأَلَة إذَا كَانَ الْفَقِيرُ قَوِيًّا هَلْ يُعْطِي مِنْ الزَّكَاة]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا كَانَ الْفَقِيرُ قَوِيًّا، فَقَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ: يُعْطَى، يَعْنِي لِتَحْقِيقِ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَا يُجْزِيهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ».

خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مَعَ غَيْرِهِ، وَزَادَ فِيهِ: «إلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ». وَقَالَ: هَذَا غَرِيبٌ، وَالْحَدِيثُ الْمُطْلَقُ دُونَ زِيَادَةٍ لَا يُرْكَنُ إلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى هَذَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>