للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَتَجُوزُ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَارًا مِنْ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُ، وَهَذِهِ عِبْرَةٌ لِلْأُمَّةِ وَكَفٌّ لِلْمُعْتَدِينَ عَنْ الْمَعْصِيَةِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ:

مَا تَقَدَّمَ فِيهِ لِلصَّحَابَةِ حُكْمٌ مِنْ الْجَزَاءِ فِي صَيْدٍ يَبْتَدِئُ الْآنَ الْحَكَمَانِ النَّظَرَ فِيهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُنْظَرُ فِيمَا نَظَرَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ نَفَذَ، وَهَذَا يَبْطُلُ بِقَضَايَا الدِّينِ؛ فَإِنَّ كُلَّ حُكْمٍ أَنْفَذَتْهُ الصَّحَابَةُ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ ثَانِيًا. وَذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ إجْمَاعٌ، وَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ إطْنَابٍ فِيهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ:

لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي أَحَدَ الْحَكَمَيْنِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي أَحَدَ الْحَكَمَيْنِ، وَهَذَا تَسَامُحٌ مِنْهُ؛ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَانِيًا وَحَكَمَيْنِ، فَحَذْفُ بَعْضِ الْعَدَدِ إسْقَاطٌ لِلظَّاهِرِ، وَإِفْسَادٌ لِلْمَعْنَى لِأَنَّ حُكْمَ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَاسْتَغْنَى بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَزِيَادَةُ ثَانٍ إلَيْهِ غَيْرَهُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِئْنَافِ الْحُكْمِ بِرَجُلَيْنِ سِوَاهُ.

[الْآيَة السَّابِعَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ]

الْآيَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ:

قَوْله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة: ٩٦].

فِيهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦]: عَامٌّ فِي الْمُحِلِّ وَالْمُحْرِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ جِهَةِ التَّقْسِيمِ وَالتَّنْوِيعِ قَبْلَ هَذَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] هُوَ كُلُّ مَاءٍ كَثِيرٍ، وَأَصْلُهُ الِاجْتِمَاعُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْمَدَائِنُ بِحَارًا. وَيُقَالُ لِلْبَلْدَةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>