للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِبْت الْإِثْمَ حَتَّى زَالَ عَقْلِي ... كَذَاك الْإِثْمُ يَذْهَبُ بِالْعُقُولِ

وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: شَرِبْت الذَّنْبَ، أَوْ شَرِبْت الْوِزْرَ، لَكَانَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبْ قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الْوِزْرُ وَالذَّنْبُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ، كَذَلِكَ هَذَا. وَاَلَّذِي أَوْجَبَ التَّكَلُّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَهْلِ بِاللُّغَةِ وَبِطَرِيقِ الْأَدِلَّةِ فِي الْمَعَانِي. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً]

ً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْأَصْلُ فِي الْأَعْمَالِ الْفَرْضِيَّةِ الْجَهْرُ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْمَالِ النَّفْلِيَّةِ السِّرُّ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَتَطَرَّقُ إلَى النَّفْلِ مِنْ الرِّيَاءِ وَالتَّظَاهُرِ بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَالتَّفَاخُرِ عَلَى الْأَصْحَابِ بِالْأَعْمَالِ، وَجُبِلَتْ قُلُوبُ الْخَلْقِ بِالْمَيْلِ إلَى أَهْلِ الطَّاعَةِ، وَقَدْ جَعَلَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ فِي الْعِبَادَاتِ ذِكْرًا جَهْرًا وَذِكْرًا سِرًّا، بِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ أَنْشَأَهَا بِهَا وَرَتَّبَهَا عَلَيْهَا؛ وَذَلِكَ لِمَا عَلَيْهِ قُلُوبُ الْخَلْقِ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:

أَمَّا الذِّكْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَانْقَسَمَ حَالُهُ إلَى سِرٍّ وَجَهْرٍ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَلَمْ يُشْرَعْ مِنْهُ شَيْءٌ جَهْرًا؛ لَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَلَا فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ، وَلَا فِي حَالَةِ السُّجُودِ؛ لَكِنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ قَارِئِ الْفَاتِحَةِ: (آمِينْ) هَلْ يُسِرُّ بِهَا أَمْ يَجْهَرُ؟ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلَى قَوْمِهِ]

ِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: ٥٩].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>