للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ]

َ} [الصافات: ١٤١].

فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى يُونُسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ يُونُسُ بْنُ مَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى». وَنَسَبُهُ إلَى أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ: هَلْ الْبَارِي تَعَالَى فِي جِهَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، هُوَ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: مَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى». فَقِيلَ لَهُ: مَا وَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ؟ قَالَ: لَا أَقُولُهُ حَتَّى يَأْخُذَ ضَيْفِي هَذَا أَلْفَ دِينَارٍ يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ. فَقَامَ رَجُلَانِ فَقَالَا: هِيَ عَلَيْنَا. فَقَالَ: لَا يَتْبَعُ بِهَا اثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ. فَقَالَ وَاحِدٌ: هِيَ عَلَيَّ.

فَقَالَ: إنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ، وَصَارَ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ، وَنَادَى: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧] كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَقْرَبَ مِنْ اللَّهِ مِنْ يُونُسَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الرَّفْرَفِ الْأَخْضَرِ، وَارْتَقَى بِهِ، وَصَعِدَ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إلَى مَوْضِعٍ يَسْمَعُ مِنْهُ صَرِيرُ الْأَقْلَامِ، وَنَاجَاهُ رَبُّهُ بِمَا نَاجَاهُ، وَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى بِأَقْرَبَ مِنْ اللَّهِ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فِي بَطْنِ الْحُوتِ وَظُلْمَةِ الْبَحْرِ.

قَصَدْت قَبْرَهُ مِرَارًا لَا أُحْصِيهَا بِقَرْيَةِ جُلْجُونَ فِي مَسِيرِي مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>