يَقْوَى الْمُنْكَرُ؛ مِثْلُ أَنْ يَرَى عَدُوًّا يَقْتُلُ عَدُوًّا فَيَنْزِعُهُ عَنْهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَلَّا يَدْفَعَهُ، وَيَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ قَتَلَهُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى نَزْعِهِ وَلَا يُسَلِّمُهُ بِحَالٍ، وَلْيُخْرِجْ السِّلَاحَ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: «وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» أَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَهُ فِي التَّغْيِيرِ دَرَجَةٌ.
[مَسْأَلَةٌ قَتْلِ الصَّائِلِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ؛ وَهِيَ إذَا رَأَى مُسْلِمٌ فَحْلًا يَصُولُ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ حِينَئِذٍ؛ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ هُوَ الَّذِي صَالَ عَلَيْهِ الْفَحْلُ، أَوْ مُعِينًا لَهُ مِنْ الْخَلْقِ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَدْ قَامَ بِفَرْضٍ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَنَابَ عَنْهُمْ فِيهِ؛ وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ مَالِكُ الْفَحْلِ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
[مَسْأَلَةٌ تَعْظِيمِ الْأَمَة الْإِسْلَامِيَّة]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَعْظِيمِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] وَإِشَارَةٌ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ. وَفِي الْأَثَرِ يُنْمَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّكُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا».
[الْآيَة الثَّامِنَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ]
ٌ} [آل عمران: ١٠٦] أَوْرَدَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ الْمُنَافِقُونَ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ الْمُرْتَدُّونَ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute