الرَّابِعُ: إذَا رَأَى الْحَيَوَانَ جَزَاءً عَنْ حَيَوَانٍ. فِي تَعْيِينِ الْحَيَوَانِ خِلَافٌ كَثِيرٌ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيطِ نَظَرِهِ عَلَيْهِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ؛ هَلْ يَسْتَوِي صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ حِينَ جَعَلَهُ كَالدِّيَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُرَاعِي صِفَاتِهِ أَجْمَعَ حَتَّى الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ، أَمْ تُرَاعَى الْأُصُولُ، أَوْ يُرَاعَى الْعَيْبُ وَالسَّلَامَةُ، أَوْ هُمَا وَاحِدٌ؟ وَهَلْ يَكُونُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ كَمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ، أَمْ يَكُونُ فِيهَا الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَارِبُ خَلْقَ الْبَقَرِ وَلَا تَبْلُغُ خَلْقَ الْإِبِلِ؟ الْخَامِسُ: هَلْ الْحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا تُجْزِئُ أَمْ بَعْضُهَا؟ السَّادِسُ: هَلْ يَقُومُ الْمِثْلُ بِالطَّعَامِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ؟ السَّابِعُ: هَلْ يَكُونُ التَّقْوِيمُ بِمَوْضِعِ الْإِصَابَةِ أَمْ بِمَوْضِعِ الْكَفَّارَةِ؟ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ فُصُولِ الِاخْتِلَافِ، فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحُكْمَيْنِ حَتَّى يُخَلِّصَ اجْتِهَادُهُمَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَيَلْزَمُهُ مَا قَالَا. وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَجَزَاهُ ثُمَّ قَتَلَهُ ثَانِيَةً]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ:
إذَا قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَجَزَاهُ. ثُمَّ قَتَلَهُ ثَانِيَةً وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥]، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَمِمَّنْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّلِيلِ أَحْبَارٌ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِمَرْتَبَتِهِمْ إيرَادُ هَذَا الدَّلِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ فَإِنَّ كُلَّ حُكْمٍ عُلِّقَ بِشَرْطٍ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ، فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ [فَإِنَّ الطَّلَاقَ] لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الدُّخُولِ، فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْرَارِ الْحُكْمِ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ فَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ الدَّلِيلِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ لَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْطِ الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] فَإِنَّ الْوُضُوءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْقِيَامِ مَعَ الْحَدَثِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ». وَهَا هُنَا تَكَرَّرَ الِاسْمُ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ، بِقَوْلِهِ: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute