الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
الْوَصْفُ الْكَرِيمُ فِي الْكِتَابِ غَايَةُ الْوَصْفِ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: ٧٧]. وَأَهْلُ الزَّمَانِ يَصِفُونَ الْكِتَابَ بِالْخَطِيرِ، وَبِالْأَثِيرِ، وَبِالْمَبْرُورِ؛ فَإِنْ كَانَ لِمَلِكٍ قَالُوا: الْعَزِيزَ؛ وَأَسْقَطُوا الْكَرِيمَ غَفْلَةً، وَهُوَ أَفْضَلُهَا خَصْلَةً. فَأَمَّا الْوَصْفُ بِالْعَزِيزِ فَقَدْ اتَّصَفَ بِهِ الْقُرْآنُ أَيْضًا؛ فَقَالَ: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت: ٤١] {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: ٤٢].
فَهَذِهِ عِزَّتُهُ، وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ إلَّا لَهُ؛ فَاجْتَنِبُوهَا فِي كُتُبِكُمْ، وَاجْعَلُوا بَدَلَهَا الْعَالِيَ، تَوْقِيَةً لِحَقِّ الْوِلَايَةِ، وَحِيَاطَةً لِلدِّيَانَةِ.
[مَسْأَلَة مَنْ قَالَ إنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
هَذِهِ الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِإِجْمَاعٍ؛ وَلِذَلِكَ إنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: ٣٠] لَيْسَتْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ كُفْرٌ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِآيَةٍ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ لَمْ يَكْفُرْ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا. وَلَا يَكْفُرُ إلَّا بِالنَّصِّ أَوْ مَا يُجْمِعُ عَلَيْهِ.
[الْآيَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى قَالَتْ يَأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي]
الْآيَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} [النمل: ٣٢].
فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْمُشَاوَرَةِ إمَّا اسْتِعَانَةً بِالْآرَاءِ، وَإِمَّا مُدَارَاةً لِلْأَوْلِيَاءِ. وَيُقَالُ: إنَّهَا أَوَّلُ مَنْ جَاءَ أَنَّهُ شَاوَرَ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَشُورَةَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ، وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ الْفُضَلَاءَ بِقَوْلِهِ: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute