الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُفَسِّرِينَ رَوَوْا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢] لَمَّا نَزَلَتْ قَامَ قَوْمٌ حَتَّى تَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَتَقَرَّحَتْ جِبَاهُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] فَنُسِخَ ذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ قِسْمُ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.
[مَسْأَلَة قَوْلُهُ تَعَالَى وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ: {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: ١٦]: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا اصْغَوْا إلَى مَا يَنْزِلُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي السَّمَاعِ. الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ اقْبَلُوا مَا تَسْمَعُونَ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ؛ لِأَنَّهُ فَائِدَتُهُ عَلَى أَحَدِ قِسْمَيْ الْمَجَازِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلُهُ: {أَطِيعُوا} [آل عمران: ٣٢] وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الطَّاعَةِ، وَأَنَّهَا الِانْقِيَادُ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَأَنْفِقُوا]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ {وَأَنْفِقُوا} [التغابن: ١٦]: قِيلَ: هُوَ الزَّكَاةُ. وَقِيلَ: هُوَ النَّفَقَةُ فِي النَّفْلِ، وَقِيلَ: نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنَّمَا أَوْقَعَ قَائِلُ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلَهُ: {لأَنْفُسِكُمْ} [التغابن: ١٦] وَخَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ نَفَقَةَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ عَلَى الصَّدَقَةِ هِيَ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]؛ وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ مِنْ خَيْرٍ فَلِنَفْسِهِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا عَامَّةٌ؛ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: عِنْدِي دِينَارٌ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى عِيَالِك. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِك. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ». فَبَدَأَ بِالنَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَجَعَلَ الصَّدَقَةَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الشَّرْعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: ١٦]: تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute