[الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي]
وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [يوسف: ٢٦] {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: ٢٧].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَيْسَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ شَهَادَاتِ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُفِيدُ الْإِعْلَامَ عِنْدَ الْحُكَّامِ، وَيَتَفَرَّدُ بِعِلْمِهَا الشَّاهِدُ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى أَخْبَرَ عَنْ عِلْمِ مَا كَانَ عَنْهُ الْقَوْمُ غَافِلِينَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَمِيصَ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا جُذِبَ مِنْ خَلْفِهِ تَمَزَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَإِذَا جُذِبَ مِنْ قُدَّامَ تَمَزَّقَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَلَا يُجْذَبُ الْقَمِيصُ مِنْ خَلْفِ اللَّابِسِ إلَّا إذَا كَانَ مُدْبِرًا، وَهَذَا فِي الْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَتَمَزَّقُ [الْقَمِيصُ بِالْقَلْبِ مِنْ ذَلِكَ] إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ ضَعِيفًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
يَتَكَلَّمُ النَّاسُ فِي هَذَا الشَّاهِدِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: الشَّاهِدُ هُوَ الْقَمِيصُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ ابْنُ عَمِّهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْعَزِيزِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ.
فَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ الْقَمِيصُ فَكَانَ يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ حَالِهِ بِتَقْدِيرِ مَقَالِهِ؛ فَإِنَّ لِسَانَ الْحَالِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِ الْمَقَالِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، وَقَدْ تُضِيفُ الْعَرَبُ الْكَلَامَ إلَى الْجَمَادَاتِ بِمَا تُخْبِرُ عَنْهُ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ الصِّفَاتِ، وَمِنْ أَجْلَاهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute