فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ: {لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥]
قُلْنَا: سَنَتَكَلَّمُ عَلَى الْآيَةِ فِي مَوْضِعهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ قِيلَ: وَبِمَ تُعْلَمُ الْعُسْرَةُ؟ قُلْنَا: بِأَنْ لَا نَجِدَ لَهُ مَالًا؛ فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ: خَبَّأَ مَالًا. قُلْنَا لِلْمَطْلُوبِ: أَثْبِتْ عَدَمَك ظَاهِرًا وَيَحْلِفُ بَاطِنًا، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.
[مَسْأَلَةٌ الْمَيْسَرَةُ الَّتِي يُؤَدَّى بِهَا الدَّيْنُ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
مَا الْمَيْسَرَةُ الَّتِي يُؤَدَّى بِهَا الدَّيْنُ؟: وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ.
تَحْرِيرُ قَوْلِ عُلَمَائِنَا: أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ الْأَيَّامَ وَكِسْوَةُ لِبَاسِهِ وَرُقَادِهِ، وَلَا تُبَاعُ ثِيَابُ جُمُعَتِهِ، وَيُبَاعُ خَاتَمُهُ، وَتَفْصِيلُ الْفُرُوعِ فِي الْمَسَائِلِ.
[مَسْأَلَةٌ الصَّدَقَةُ عَلَى الْمُعْسِرِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٨٠] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الصَّدَقَةُ عَلَى الْمُعْسِرِ قُرْبَةٌ؛ وَذَلِكَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ إنْظَارِهِ إلَى الْمَيْسَرَةِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَى حُذَيْفَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تَلَقَّتْ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَالُوا: عَمِلْت مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: كُنْت آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُوسِرَ وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْمُعْسِرِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ».
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ: كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ»؛ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute