التَّصَوُّفِ، وَيُنْكِرُهُ جُهَّالُ الْمُتَوَسِّمِينَ بِالْعِلْمِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْوَحْيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، وَأَنَّ إطْلَاقَهُ فِي جَمِيعِهَا جَائِزٌ فِي دِينِ اللَّهِ، أَوْ لَسْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ سَمَّى إلْهَامَ الشَّيَاطِينِ وَحْيًا؛ وَكُلُّ مَا يَقُومُ بِالْقَلْبِ مِنْ الْخَوَاطِرِ فَهُوَ خَلْقُ اللَّهِ؛ فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ الشَّرِّ أَضَافَهُ اللَّهُ إلَى الشَّيْطَانِ، وَمَا كَانَ مِنْ الْخَيْرِ أَضَافَهُ اللَّهُ إلَى الْمَلَكِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ الْقَلْبَ بَيْنَ لَمَّتَيْنِ: لَمَّةٌ مِنْ الْمَلَكِ وَلَمَّةٌ مِنْ الشَّيْطَانِ؛ فَلَمَّةُ الْمَلَكِ إيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ، وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ إيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ».
[مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى لِيُجَادِلُوكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: ١٢١]
الْمُجَادَلَةُ دَفْعُ الْقَوْلِ عَلَى الْقَوْلِ عَلَى طَرِيقِ الْحُجَّةِ بِالْقُوَّةِ مَأْخُوذٌ مِنْ " الْأَجْدَلِ ": طَائِرٌ قَوِيٌّ، أَوْ لِقَصْدِ الْمُغَالَبَةِ؛ كَأَنْ يَطْرَحَهُ عَلَى الْجَدَالَةِ، وَيَكُونُ حَقًّا فِي نُصْرَةِ الْحَقِّ وَبَاطِلًا فِي نُصْرَةِ الْبَاطِلِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: ٤٦].
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: ١٢١]
إنَّمَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ بِطَاعَةِ الْمُشْرِكِ مُشْرِكًا إذَا أَطَاعَهُ فِي اعْتِقَادِهِ: الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ؛ فَإِذَا أَطَاعَهُ فِي الْفِعْلِ وَعَقْدُهُ سَلِيمٌ مُسْتَمِرٌّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّصْدِيقِ فَهُوَ عَاصٍ.
فَافْهَمُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة التَّاسِعَة وَالْعَاشِرَة وَالْحَادِيَة عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا]
فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الأنعام: ١٣٦] {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١٣٧] {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: ١٣٨] {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ١٣٩] {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام: ١٤٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute