[مَسْأَلَة اللِّعَانُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:
يُلَاعِنُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، كَمَا يُلَاعِنُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ يَتَعَلَّقُ بِالْفَاسِدِ مِنْهُ، كَالنَّسَبِ وَالْعِدَّةِ وَالْمَهْرِ، وَهَذَا الْفِقْهُ صَحِيحٌ، وَذَلِكَ أَنَّ اللِّعَانَ مَوْضُوعٌ لِنَفْيِ النَّسَبِ وَتَطْهِيرِ الْفِرَاشِ، وَالزَّوْجَةُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَدْ صَارَتْ فِرَاشًا، وَيُلْحَقُ النَّسَبُ فِيهِ، فَجَرَى اللِّعَانُ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَة فَائِدَةُ لِعَانِ الزَّوْجِ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
فَائِدَةُ لِعَانِ الزَّوْجِ دَرْءُ الْحَدِّ عَنْهُ، وَنَفْيُ النَّسَبِ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَلَوْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ لَدَرَأْت الْحَدَّ عَنْهُ، فَقَدْ قَامَ اللِّعَانُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ لَمْ يَلْتَعِنْ الزَّوْجُ لَمْ يُحَدَّ، وَلَكِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُلَاعِنَ، وَتَارَةً يُجْعَلُ اللِّعَانُ شَهَادَةً، وَتَارَةً يُجْعَلُ حَدًّا. وَلَوْ كَانَ حَدًّا مَا حُبِسَ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُؤْخَذُ قَسْرًا مِنْ صَاحِبِهِ؛ فَإِذَا لَاعَنَ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الْحَدِّ، وَتَعَلَّقَ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ يَتَنَازَعَانِ، فَلَوْ كَانَ اللِّعَانُ شَهَادَةً لَكَانَ تَحْقِيقًا لِلزِّنَا عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَدَّمْنَا لِتَبْرِئَةِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِك». ثُمَّ يُقَالُ لَهَا: اعْتَرِفِي فَتُحَدِّي أَوْ بَرِّئِي نَفْسَك؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: ٨]، وَهِيَ:
[مَسْأَلَة الْعَذَابُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْعَذَابُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْحَبْسُ.
فَيُقَالُ لَهُ: وَلِمَ تُحْبَسُ، وَلِمَ يَجِبُ عَلَيْهَا بِقَوْلِ الزَّوْجِ شَيْءٌ عِنْدَك؟
ثُمَّ قُلْت: اللِّعَانُ حَدٌّ فَكَيْفَ وَجَبَ عَلَيْهَا بِقَوْلِ الزَّوْجِ حَدٌّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨]، وَهُوَ الْحَدُّ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] يَعْنِي الْحَدَّ؛ فَسَمَّاهُ عَذَابًا هَاهُنَا؛ وَهُوَ ذَاكَ بِعَيْنِهِ؛ لِاتِّحَادِ الْمَقْصَدِ فِيهَا.
فَإِنْ قِيلَ: اللِّعَانُ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ مِنْ الزَّوْجِ؟ وَأَيُّمَا كَانَ فَلَا يُوجِبُ حَدًّا عَلَى الْمَرْأَةِ.