خَنْقًا، وَأَمَّا إذَا كَانَا مُنْفَصِلَيْنِ كَانَا بِمَنْزِلَةِ الْحَجَرِ وَالْقَصَبِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، كَمَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَوْلَى بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ عِنْدَنَا عِبَادَةٌ، فَكَانَتْ بِاتِّبَاعِ النَّصِّ فِي الْآلَةِ أَوْلَى، وَعِنْدَهُ أَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، فَكَانَ بِإِنْهَارِ الدَّمِ بِكُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى، وَلَكِنْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَصَّ عَلَى السِّنِّ وَالظُّفُرِ وَقَفَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَهُ وَقْفَةَ قَاطِعٍ لِلنَّظَرِ حِينَ قَطَعَ الشَّرْعُ بِهِ عَنْهُ.
وَرَأَى عُلَمَاؤُنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ السِّنِّ وَالظُّفُرِ، إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ أَنَّ مَنْ كَانَ يَفْعَلُهُ لَمْ يُبَالِ أَنْ تُخْلَطَ الذَّكَاةُ بِالْخَنْقِ، فَإِذَا كَانَتْ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَفْصِلُهُمَا جَازَ ذَلِكَ إذَا انْفَصَلَا.
[مَسْأَلَة تَذْكِيَة الْمَرِيضَة]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: أَطْلَقَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى الْمَرِيضَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ تَذْكِيَتِهَا وَلَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ إذَا كَانَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ حَيَاةٍ.
وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ بَقِيَّةِ حَيَاةٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ بَقِيَّةِ حَيَاةٍ مِنْ سَبْعٍ لَوْ اتَّسَقَ النَّظَرُ وَسَلِمَتْ عَنْ الشَّبَهِ الْفِكَرُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ.
[مَسْأَلَة الِاسْتِثْنَاء يَرْجِع إلَى التَّحْرِيمِ لَا إلَى الْمُحَرَّمِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُمْ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى التَّحْرِيمِ لَا إلَى الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مَا التَّحْرِيمُ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ التَّحْرِيمَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ شَرَحْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَيْسَتْ بِصِفَاتٍ لِلْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ فِي الْقَوْلِ اسْتِثْنَاءٌ، إنَّمَا الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَقُولِ [فِيهِ] وَهُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute