الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْعَقَبَةُ: فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا طَرِيقُ النَّجَاةِ؛ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثَّانِي جَبَلٌ فِي جَهَنَّمَ؛ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ. الثَّالِثُ: عَقَبَةٌ فِي جَهَنَّمَ هِيَ سَبْعُونَ دَرَجَةً، قَالَهُ كَعْبٌ. الرَّابِعُ أَنَّهَا نَارٌ دُونَ الْحَشْرِ. الْخَامِسُ أَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ وَعَدُوَّهُ الشَّيْطَانَ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ: عَقَبَةٌ وَاَللَّهِ شَدِيدَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْعَقَبَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ الْأَمْرُ الشَّاقُّ، وَهُوَ فِي الدُّنْيَا بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ وَالطَّاعَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْمُقَاسَاةِ لِلْأَهْوَالِ وَتَعْيِينُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِخَبَرِ الصَّادِقِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ " اقْتَحَمَ " مَعْنَاهُ قَطَعَ الْوَادِيَ بِسُلُوكِهِ فِيهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ رَمْيُهُ فِي وَهْدَةٍ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فَلِيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ. وَإِنَّمَا فَسَّرْنَاهُ بَعْدَ الْعَقَبَةِ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ عَلَى الصِّفَةِ بِحُكْمِ النَّظَرِ الْحَقِيقِيِّ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى وَمَا أَدْرَاك مَا الْعَقَبَةُ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ اخْتَارَ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا التَّقْسِيمِ قَوْلَ مُجَاهِدٍ: إنَّهُ لَمْ يَقْتَحِمْ الْعَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا؛ وَإِنَّمَا اخْتَارَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} [البلد: ١٢].
ثُمَّ قَالَ فِي الْآيَةِ الرَّابِعَةِ: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣]. وَفِي الْآيَةِ الْخَامِسَةِ: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: ١٤]. ثُمَّ قَالَ فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: ١٥]. ثُمَّ قَالَ فِي الْآيَةِ السَّابِعَةِ: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦]، فَهَذِهِ الْأَعْمَالُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدُّنْيَا.
الْمَعْنَى فَلَمْ يَأْتِ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُسَهِّلُ لَهُ سُلُوكَ الْعَقَبَةِ فِي الْآخِرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute