الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ {وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: ٨٧]: فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: هُوَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ.
الثَّانِي: هُوَ الْحَوَامِيمُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا الْفَاتِحَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْمَسْطُورِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّبْعُ مِنْ السُّوَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْآيَاتِ؛ لَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَشَفَ قِنَاعَ الْإِشْكَالِ، وَأَوْضَحَ شُعَاعَ الْبَيَانِ، فَفِي الصَّحِيحِ عِنْدَ كُلِّ فَرِيقٍ وَمِنْ كُلِّ طَرِيقٍ أَنَّهَا أُمُّ الْكِتَابِ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيت».
وَبَعْدَ هَذَا فَالسَّبْعُ الْمَثَانِي كَثِيرٌ، وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ، وَالنَّصُّ قَاطِعٌ بِالْمُرَادِ، قَاطِعٌ بِمَنْ أَرَادَ التَّكْلِيفَ وَالْعِنَادَ، وَبَعْدَ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تَفْسِيرَ. وَلَيْسَ لِلْمُتَعَرِّضِ إلَى غَيْرِهِ إلَّا النَّكِيرُ.
وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ لَوْلَا تَفْسِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُحَرِّرَ فِي ذَلِكَ مَقَالًا وَجِيزًا، وَأُسْبِكَ مِنْ سَنَامِ الْمَعَارِفِ إبْرِيزًا، إلَّا أَنَّ الْجَوْهَرَ الْأَغْلَى مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى وَأَعْلَى؛ وَقَدْ بَيَّنَّا تَفْسِيرَهَا فِي أَوَّلِ سُورَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، إذْ هِيَ الْأُولَى مِنْهُ، فَلْيُنْظَرْ هُنَاكَ مِنْ هَهُنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: ٨٨].
الْمَعْنَى: قَدْ أَعْطَيْنَاك الْآخِرَةَ، فَلَا تَنْظُرْ إلَى الدُّنْيَا، وَقَدْ أَعْطَيْنَاك الْعِلْمَ فَلَا تَتَشَاغَلْ بِالشَّهَوَاتِ، وَقَدْ مَنَحْنَاك لَذَّةَ الْقَلْبِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى لَذَّةِ الْبَدَنِ، وَقَدْ أَعْطَيْنَاك الْقُرْآنَ فَتَغَنَّ بِهِ، فَلَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ أَيْ لَيْسَ مِنَّا مَنْ رَأَى بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ حَتَّى يَطْمَحَ بِبَصَرِهِ إلَى زَخَارِفِ الدُّنْيَا، وَعِنْدَهُ مَعَارِفُ الْمَوْلَى، حَيِيَ بِالْبَاقِي، فَغَنِيَ عَنْ الْفَانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute