للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقُولَ لَهُ الذِّمِّيُّ: يَا مُسْلِمُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَمُرَّ مَعَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَدْخُلُ مَعَهُ، وَعَلَيْهِ الْغِيَارُ عَلَامَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَإِذَا رَآهُ الْقَيِّمُ صَاحَ بِهِ: ارْجِعْ، ارْجِعْ، فَيَقُولُ لَهُ الْمُسْلِمُ: أَنَا أَذِنْت لَهُ فَيَتْرُكُهُ الْقَيِّمُ.

[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَنَةُ تِسْعٍ الَّتِي حَجَّ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ.

الثَّانِي: أَنَّهُ سَنَةُ عَشْرٍ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي يُعْطِيهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ.

وَإِنَّ مِنْ الْعَجَبِ أَنْ يُقَالَ [إنَّهُ] سَنَةُ تِسْعٍ، وَهُوَ الْعَامُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْأَذَانُ وَلَوْ دَخَلَ غُلَامُ رَجُلٍ دَارِهِ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: لَا تَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ بَعْدَ يَوْمِك هَذَا لَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْيَوْمَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ.

فَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّهْيَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ النِّدَاءُ، وَلَوْ تَنَاصَفَ النَّاسُ فِي الْحَقِّ، وَأَمْسَكَ كُلُّ أَحَدٍ عَمَّا لَا يَعْلَمُ مَا وَقَعَ مِثْلُ هَذَا النِّزَاعُ.

[مَسْأَلَة تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِالْأَسْبَابِ فِي الرِّزْقِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُ {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٢٨]: الْمَعْنَى: إنْ خِفْتُمْ الْفَقْرَ بِانْقِطَاعِ مَادَّةِ الْمُشْرِكِينَ عَنْكُمْ بِالتِّجَارَةِ الَّتِي كَانُوا يَجْلِبُونَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يُعَوِّضُ عَنْهَا؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِالْأَسْبَابِ فِي الرِّزْقِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الرِّزْقُ مَقْدُورًا، وَأَمْرُ اللَّهِ وَقَسْمُهُ لَهُ مَفْعُولًا، وَلَكِنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْأَسْبَابِ حِكْمَةً؛ لِتَعْلَمَ الْقُلُوبُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأَسْبَابِ مِنْ الْقُلُوبِ الَّتِي تَتَوَكَّلُ عَلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ، وَلَيْسَ يُنَافِي النَّظَرَ إلَى السَّبَبِ التَّوَكُّلُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُسَخَّرٌ مَقْدُورٌ؛ وَإِنَّمَا يُضَادُّ التَّوَكُّلَ النَّظَرُ إلَيْهِ بِذَاتِهِ، وَالْغَفْلَةُ عَنْ الَّذِي سَخَّرَهُ فِي أَرْضِهِ وَسَمَاوَاتِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>