للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ هَذَا مِنْ الْمَغْفِرَةِ وَشَبَهُهُ مِنْ الصَّفْحِ وَالْإِعْرَاضِ مَنْسُوخٌ بِآيَاتِ الْقِتَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ.

[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا]

وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: ١٨].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الشَّرِيعَةُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّرِيقِ إلَى الْمَاءِ، ضُرِبَتْ مَثَلًا لِلطَّرِيقِ إلَى الْحَقِّ لِمَا فِيهَا مِنْ عُذُوبَةِ الْمَوْرِدِ، وَسَلَامَةِ الْمَصْدَرِ، وَحُسْنِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمُرَادِ بِهَا مِنْ وُجُوهِ الْحَقِّ. وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَمْرَ الدِّينُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ السُّنَّةُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْفَرَائِضُ.

الرَّابِعُ: النِّيَّةُ.

وَهَذِهِ كَلِمَةٌ أَرْسَلَهَا مَنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِلْحَقَائِقِ، وَالْأَمْرُ يَرِدُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى الشَّأْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧].

وَالثَّانِي أَنَّهُ أَحَدُ أَقْسَامِ الْكَلَامِ الَّذِي يُقَابِلُهُ النَّهْيُ، وَكِلَاهُمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا هَاهُنَا، وَتَقْدِيرُهُ ثُمَّ جَعَلْنَاك عَلَى طَرِيقَةٍ مِنْ الدِّينِ، وَهِيَ مِلَّةُ الْإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: ١٢٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>