للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَبِكَوْنِهَا مَحْجُوبَةً لَا تُعَانِي الْأُمُورَ، وَلَا تُخَالِطَ، وَلَا تَبْرُزُ لِأَجْلِ حَيَاءِ الْبَكَارَةِ وُقِفَ فِيهَا عَلَى وُجُودِ النِّكَاحِ، فَبِهِ تُفْهَمُ الْمَقَاصِدُ كُلُّهَا. قَالَ مَالِكٌ: إذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فَيَقْتَصِرَ حَتَّى يُؤْمَنَ أَمْرُهُ، وَلِأَبِيهِ تَجْدِيدُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إنْ رَأَى خَلَلًا مِنْهُ.

وَأَمَّا الْأُنْثَى فَلَا بُدَّ بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهَا مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ عَلَيْهَا تُمَارِسُ فِيهَا الْأَحْوَالَ، وَلَيْسَ فِي تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ دَلِيلٌ.

وَذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا فِي تَحْدِيدِهِ أَقْوَالًا عَدِيدَةً؛ مِنْهَا الْخَمْسَةُ الْأَعْوَامِ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ فِي ذَاتِ الْأَبِ، وَجَعَلُوهُ فِي الْيَتِيمَةِ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ عَلَيْهَا عَامًا وَاحِدًا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَجَعَلُوهُ فِي الْمُوَلَّى عَلَيْهَا مُؤَبَّدًا حَتَّى يَثْبُتَ رُشْدُهَا.

وَتَحْدِيدُ الْأَعْوَامِ فِي ذَاتِ الْأَبِ عَسِيرٌ، وَأَعْسَرُ مِنْهُ تَحْدِيدُ الْعَامِ فِي الْيَتِيمَةِ، وَأَمَّا تَمَادِي الْحَجْرِ فِي الْمُوَلَّى عَلَيْهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ رُشْدُهَا فَيُخْرِجَهَا الْوَصِيُّ مِنْهُ أَوْ يُخْرِجَهَا الْحُكْمُ مِنْهُ فَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا سُكُوتُ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ فَدَلِيلٌ عَلَى إمْضَائِهِ لِفِعْلِهَا، فَتَخْرُجُ دُونَ حُكْمٍ بِمُرُورِ مُدَّةٍ مِنْ الزَّمَانِ يَحْصُلُ فِيهِ الِاخْتِبَارُ؛ وَتَقْدِيرُهُ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْوَلِيِّ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ، وَاخْتِلَافٌ كَثِيرٌ مَوْضِعُهُ كُتُبُ الْمَسَائِلِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦] فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُ إينَاسِ الرُّشْدِ؛ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ إينَاسُهُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ الرَّاشِدِ فَاعْرِفْهُ، وَرَكِّبْهُ عَلَيْهِ، وَاجْتَنِبْ التَّحَكُّمَ الَّذِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ دَفْعُ مَالِ الْيَتِيمِ إلَيْهِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَادْفَعُوا} [النساء: ٦] دَفْعُ الْمَالِ إلَى الْيَتِيمِ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إينَاسُ الرُّشْدِ. وَالثَّانِي: بُلُوغُ الْحُلُمِ. فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَيْهِ، كَذَلِكَ نَصُّ الْآيَةِ؛ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ إذَا احْتَلَمَ الْغُلَامَ أَوْ حَاضَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>