الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: رُوِيَ أَنَّ نُزُولَ الْحِجَابِ لَمَّا نَزَلَ، وَسِتْرَهُ لَمَّا انْسَدَلَ قَالَ الْآبَاءُ: كَيْفَ بِنَا مَعَ بَنَاتِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَنْفِيِّ عَنْهُ الْجُنَاحَ: فَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي رَفْعِ الْحِجَابِ؛ قَالَ قَتَادَةُ.
وَقِيلَ: لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي سَدْلِ الْحِجَابِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُنَّ بِالسَّتْرِ عَنْ الْخَلْقِ، وَضَرَبَ الْحِجَابَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ أَسْقَطَ ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ ذَكَرَ هَاهُنَا مِنْ الْقَرَابَاتِ.
[مَسْأَلَةُ حُكْمَ الرَّجُلِ مَعَ النِّسَاءِ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ الْعَمَّ فِيهَا وَلَا الْخَالَ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لِأَبْنَائِهِمَا.
وَقِيلَ: لَمْ يَذْكُرْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قَائِمَانِ مَقَامَ الْأَبَوَيْنِ، بِدَلِيلِ نُزُولِهِمَا مَنْزِلَتَهُمَا فِي حُرْمَةِ النِّكَاحِ.
فَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: إنَّ حُكْمَ الرَّجُلِ مَعَ النِّسَاءِ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا.
وَالثَّانِي: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا، لِابْنِهِ، كَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَالْحَفِيدِ.
وَالثَّالِثُ: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا، وَيَجُوزُ لِوَلَدِهِ، كَالْعَمِّ وَالْخَالِ، بِحَسْبِ مَنْزِلَتِهِمْ مِنْهَا فِي الْحُرْمَةِ.
فَمَنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهَا.
وَمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا وَيَجُوزُ لِوَلَدِهِ جَازَ رُؤْيَةُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا خَاصَّةً، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ رُؤْيَةُ زِينَتِهَا.
وَمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَلَا لِوَلَدِهِ جَازَ الْوَضْعُ لِجِلْبَابِهَا وَرُؤْيَةُ زِينَتِهَا.