للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاقْتِدَاءِ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ زَادَا فِي صِيَامِهِمْ بِعِلَّةٍ رَأَوْهَا، وَجَعَلُوهُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الْمَعْرُوفِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ بَعْدَ أَنْ حَضَرَ مَعَهُ الْمَوْسِمَ فَصَلَّى مَعَهُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْت أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ يَفْعَلُهُ، فَكَانَ عُثْمَانُ يُتِمُّ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ مُفْسِدًا لِعَقَائِد الْعَامَّةِ، فَرَأَى حِفْظَ ذَلِكَ بِتَرْكِ يَسِيرٍ مِنْ السُّنَّةِ.

[مَسْأَلَة يَصُومُوا ثَانِيَ عِيدِ الْفِطْرِ سِتَّةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ إتْمَامًا لِرَمَضَانَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:

رَأَى قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَفَاءِ أَنْ يَصُومُوا ثَانِيَ عِيدِ الْفِطْرِ سِتَّةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ إتْمَامًا لِرَمَضَانَ، لِمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.

وَهَذِهِ الْأَيَّامُ مَتَى صِيمَتْ مُتَّصِلَةً كَانَ احْتِذَاءً لِفِعْلِ النَّصَارَى، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُرِدْ هَذَا، إنَّمَا أَرَادَ أَنَّ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَهُوَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَمَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ فَهِيَ بِشَهْرَيْنِ " وَذَلِكَ الدَّهْرُ. وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ شَوَّالٍ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذِكْرِ شَوَّالٍ لَا عَلَى طَرِيقِ التَّعْيِينِ؛ لِوُجُوبِ مُسَاوَاةِ غَيْرِهَا لَهَا فِي ذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَ شَوَّالَ عَلَى مَعْنَى التَّمْثِيلِ، وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ النَّظَرِ فَاعْلَمُوهُ.

[الْآيَة الثَّالِثَةُ عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ]

الْآيَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:

قَوْله تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: ١٤٢].

فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ضَرْبُ الْأَجَلِ لِلْمَوَاعِيدِ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ وَمَعْنًى قَدِيمٌ أَسَّسَهُ اللَّهُ فِي الْقَضَايَا وَحَكَمَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>