للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٍ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إخْرَاجَهُ عَنْ الْبُنْيَانِ، وَهَلْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَوْ مَنْقُوضًا؟ وَمِنْهَا إذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ الَّذِي اشْتَرَى فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَزِنُ الثَّمَنَ، وَهَلْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا أَوْ مَنْقُوضًا؟ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا بَنَى فِي الْأَرْضِ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ ثُمَّ وَجَبَ لَهُ إخْرَاجُهُ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْطِي الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ فِي الشِّقْصِ مَنْقُوضًا مُسَاوِيًا لَهُ بِالْغَاصِبِ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَائِرُ عُلَمَائِنَا وَالشَّافِعِيَّةُ إلَّا الْقَلِيلَ. يُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا، لِأَنَّهُ بَنَاهُ بِحَقٍّ وَتَقْوَى وَصَلَاحٍ، بِخِلَافِ الْغَاصِبِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ إذَا قَتَلَ الذِّمِّيَّ، وَإِنْ كَانَ يُقْتَلُ بِمُسْلِمٍ مِثْلِهِ، وَتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: ٢٨]. وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ، وَهُوَ قَوْلٌ عَامٌّ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ وَزَمَانٍ، أَمَّا أَنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي أَعْيَانِ هَذِهِ الْفُرُوعِ فَتَفْصِيلٌ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ، لَا نُطِيلُ بِذِكْرِهِ هَاهُنَا فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ.

[الْآيَةُ الثَّامِنَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ]

ُ} [ص: ٣١].

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ: بِالْعَشِيِّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَأَنَّهُ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ، كَمَا أَنَّ الْغَدَاةَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>