نِسَاءَهُ إلَّا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»، وَلِذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ: خَيَّرَهُنَّ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
[مَسْأَلَة لَوْ اخْتَارَتْ إحدي نِسَاء النَّبِيّ الدنيا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ لَوْ اخْتَارَتْ مِنْهُنَّ الدُّنْيَا مَثَلًا، هَلْ كَانَتْ تَبِينُ بِنَفْسِ الِاخْتِيَارِ أَمْ لَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهَا تَبِينُ، لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اخْتِيَارَ الدُّنْيَا سَبَبُ الِافْتِرَاقِ؛ فَإِنَّ الْفِرَاقَ إذَا وَقَعَ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ إمْضَاؤُهُ؛ أَصْلُهُ يَمِينُ اللِّعَانِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ؛ هَلْ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِاللِّعَانِ بِنَفْسِ الْيَمِينِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْفِرَاقِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ؟ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
الثَّانِي: أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَارِي نَفْسَك وَنَوَى الْفِرَاقَ وَاخْتَارَتْ، وَقَعَ الطَّلَاقُ. وَالدُّنْيَا كِنَايَةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:
قَوْله تَعَالَى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨]: هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَهُوَ فِعْلُ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ، مِنْ قَوْلِك " تَعَالَى " وَهُوَ دُعَاءٌ إلَى الْإِقْبَالِ إلَيْهِ، تَقُولُ: تَعَالَى بِمَعْنَى " أَقْبِلْ " وُضِعَ لِمَنْ لَهُ جَلَالَةٌ وَرِفْعَةٌ، ثُمَّ صَارَ فِي الِاسْتِعْمَالِ مَوْضُوعًا لِكُلِّ دَاعٍ إلَى الْإِقْبَالِ.
وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ؛ فَإِنَّ الدَّاعِيَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَرْفَعِ رُتْبَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
قَوْله تَعَالَى: {أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨]: مَعْنَاهُ أُطَلِّقُكُنَّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي السَّرَاحِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ