وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافَ كَلَامٍ. وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا كُتِبَ فِي التَّوْرَاةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
[مَسْأَلَة كَيْفِيَّةَ الْقِصَاصِ مِنْ الْعَيْن]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: ٤٥] لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فَقَأَهَا، أَوْ أَذْهَبَ بَصَرَهَا وَبَقِيَتْ صُورَتُهَا، أَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ الْبَصَرِ. وَقَدْ أَفَادَنَا كَيْفِيَّةَ الْقِصَاصِ مِنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمَرَ بِمِرْآةٍ فَحُمِّيَتْ، ثُمَّ وَضَعَ عَلَى الْعَيْنِ الْأُخْرَى قُطْنًا، ثُمَّ أُخِذَتْ الْمِرْآةُ بِكَلْبَتَيْنِ فَأُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ حَتَّى سَالَ إنْسَانُ عَيْنِهِ. فَلَوْ أَذْهَبَ رَجُلٌ بَعْضَ بَصَرِهِ فَإِنَّهُ تُعْصَبُ عَيْنُهُ وَتُكْشَفُ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَذْهَبُ رَجُلٌ بِالْبَيْضَةِ وَيَذْهَبُ وَيَذْهَبُ حَتَّى يَنْتَهِيَ بَصَرُ الْمَضْرُوبِ فَيُعَلَّمَ، ثُمَّ تُغَطَّى عَيْنُهُ وَتُكْشَفُ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَذْهَبُ رَجُلٌ بِالْبَيْضَةِ وَيَذْهَبُ وَيَذْهَبُ، فَحَيْثُ انْتَهَى الْبَصَرُ عَلَّمَ، ثُمَّ يُقَاسُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْمَسَّاحَةِ، فَكَيْفَ كَانَ الْفَضْلُ نَسَبًا، وَيَجِبُ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ ذَلِكَ مَعَ الْأَدَبِ الْوَجِيعِ وَالسِّجْنِ الطَّوِيلِ؛ إذْ الْقِصَاصُ فِي مِثْلِ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَا يَزَالُ هَذَا يُخْتَبَرُ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ لِئَلَّا يَتَدَاهَى الْمَضْرُوبُ فَيَنْقُصَ مِنْ بَصَرِهِ، لِيَكْثُرَ حَظُّهُ مِنْ مَالِ الضَّارِبِ؛ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا.
[مَسْأَلَة فَقَأَ أَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ فَقَأَ أَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ: قِيلَ: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ شَاءَ فَقَأَ عَيْنَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةً كَامِلَةً. وَمُتَعَلَّقُ عُثْمَانَ [أَنَّهُ] فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ أَخَذَ جَمِيعَ الْبَصَرِ بِبَعْضِهِ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِمُسَاوَاةِ. وَمُتَعَلَّقُ الشَّافِعِيِّ قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: ٤٥].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute