الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الإسراء: ٦٤]: وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: ١١٩]. وَهَذَا تَفْسِيرُ أَنَّ صَوْتَهُ أَمْرُهُ بِالْبَاطِلِ، وَدُعَاؤُهُ إلَيْهِ عَلَى الْعُمُومِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَدِينُهُ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضِ الْأَمْوَالِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ وَبَعْضِ الْأَوْلَادِ، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا شَرَحْنَاهُ فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: ١٩٠]؛ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ.
[الْآيَة الرَّابِعَة عَشْرَة وَالْخَامِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى رَبُّكُمْ الَّذِي يُزْجِي لَكُمْ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ]
الْآيَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
قَوْله تَعَالَى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [الإسراء: ٦٦] قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ رُكُوبَ الْبَحْرِ جَائِزٌ عَلَى الْعُمُومِ وَالْإِطْلَاقِ، وَقَسَّمْنَا وُجُوهَ رُكُوبِهِ فِي مَقَاصِدِ الْخَلْقِ بِهِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ مِنْ جُمْلَتِهِ التِّجَارَةَ وَجَلْبَ الْمَنَافِعِ مِنْ بَعْضِ الْبِلَادِ إلَى بَعْضٍ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [الإسراء: ٦٦] يَعْنِي التِّجَارَةَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨]. وَقَالَ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: ١٠]. وَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ التِّجَارَةُ؛ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ؛ وَكَذَلِكَ يَدُلُّ:
الْآيَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا} [الإسراء: ٧٠] عَلَى جَوَازِ رُكُوبِهِ أَيْضًا، وَهِيَ الْآيَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا تَفْسِيرَهَا فِي اسْمِ الْكَرِيمِ مِنْ كِتَابِ " الْأَمَدِ الْأَقْصَى " فَلْيُطْلَبْ ذَلِكَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute