إلَيَّ مِنْ النَّارِ، وَالْعَافِيَةُ أَحَبُّ إلَى [قَلْبِي] مِنْ الْبَلَاءِ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِنَا.
[الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى يَا صَاحِبَيْ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا]
الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ:
قَوْله تَعَالَى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: ٤١].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: رُوِيَ أَنَّ الْفَتَيَيْنِ لَمَّا صَحِبَاهُ فِي السِّجْنِ وَكَلَّمَاهُ، وَرَأَيَا فَضْلَهُ وَأَدَبَهُ وَفَهْمَهُ سَأَلَاهُ عَنْ الَّذِي قَالَا إنَّهُمَا رَأَيَاهُ مِنْ أَمْرِ الْخَمْرِ وَالْخُبْزِ، فَأَعْرَضَ يُوسُفُ عَنْهُمَا، وَأَخَذَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ يَتَكَلَّمُ فِيهِ مَعَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: {لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: ٣٧] وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ عَلَّمَهُ تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ: {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} [يوسف: ٢١] يَعْنِي مَا يَكُونُ سَبَبًا لِظُهُورِ بَرَاءَتِهِ وَمَنْزِلَتِهِ، وَقَدْ كَانَ أَطْلَعَهُ مِنْ الْغُيُوبِ عَلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ الْبَوَاطِنِ، حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ الْمَلِكُ إذَا أَرَادَ إهْلَاكَ أَحَدٍ أَرْسَلَ إلَيْهِ طَعَامًا مَسْمُومًا، فَلَمَّا سَأَلَاهُ عَمَّا رَأَيَا فِي الْمَنَامِ مِنْ أَمْرِ الطَّعَامِ أَعْلَمَهُمَا أَنَّهُ يُخْبِرُهُمَا بِحَالِ كُلِّ طَعَامٍ يَأْتِيهِمَا فِي الْيَقِظَةِ وَالْمَنَامِ، وَأَقْبَلَ يُبَيِّنُ لَهُمَا حَالَ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُ مِنْ قَبْلِهِ كَذَلِكَ، وَنَصَبَ لَهُمَا الْأَدِلَّةَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى تَأْوِيلِ مَا رَأَيَا، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمَا بِالتَّأْوِيلِ نَدِمَا عَلَى مَا فَعَلَا، وَقَالَا: كَذَبْنَا. فَقَالَ لَهُمَا يُوسُفُ: {قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: ٤١].
[مَسْأَلَة مَنْ كَذَبَ فِي رُؤْيَا فَفَسَّرَهَا الْعَابِرُ لَهُ أَيَلْزَمُهُ حُكْمُهَا]
فَإِنْ قِيلَ: وَمَنْ كَذَبَ فِي رُؤْيَا فَفَسَّرَهَا الْعَابِرُ لَهُ، أَيَلْزَمُهُ حُكْمُهَا؟ وَهِيَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute