[الْآيَة الرَّابِعَة وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى أَلَم تَرَ إلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ]
َ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا} [النساء: ٦٠] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: يُرْوَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي «رَجُلٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ نَازَعَ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو الْقَاسِمِ، وَقَالَ الْمُنَافِقُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ الْكَاهِنُ. وَقِيلَ: قَالَ الْمُنَافِقُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، يَفِرُّ الْيَهُودِيُّ مِمَّنْ يَقْبَلُ الرِّشْوَةَ وَيُرِيدُ الْمُنَافِقُ مَنْ يَقْبَلُهَا. وَيُرْوَى أَنَّ الْيَهُودِيَّ قَالَ لَهُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو الْقَاسِمِ. وَقَالَ الْمُنَافِقُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ الْكَاهِنُ، حَتَّى تَرَافَعَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَكَمَ لِلْيَهُودِيِّ عَلَى الْمُنَافِقِ، فَقَالَ الْمُنَافِقُ: لَا أَرْضَى، بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو بَكْرٍ؛ فَأَتَيَا أَبَا بَكْرٍ فَحَكَمَ أَبُو بَكْرٍ لِلْيَهُودِيِّ. فَقَالَ الْمُنَافِقُ: لَا أَرْضَى، بَيْنِي وَبَيْنَكَ عُمَرُ. فَأَتَيَا عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ الْيَهُودِيُّ بِمَا جَرَى؛ فَقَالَ: أَمْهِلَا حَتَّى أَدْخُلَ بَيْتِي فِي حَاجَةٍ، فَدَخَلَ فَأَخْرَجَ سَيْفَهُ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَتَلَ الْمُنَافِقَ؛ فَشَكَا أَهْلُهُ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّهُ رَدَّ حُكْمَكَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْتَ الْفَارُوقُ»، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ الْآيَةُ كُلُّهَا إلَى قَوْلِهِ: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]. وَيُرْوَى فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحُرَّةِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، وَأَرْسِلْ الْمَاءَ إلَى جَارِكِ الْأَنْصَارِيِّ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: آنَ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ لِلزُّبَيْرِ: أَمْسِكْ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَرْسِلْهُ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute