مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إنْ كُنَّ قَلِيلَاتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ "، وَهَذَا نَصُّ كِتَابَيْ الْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْحَشْوِ رِوَايَاتٌ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهَا هَاهُنَا، يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إلَى قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ٣] قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ أَيْقَنْتُمْ وَعَلِمْتُمْ؛ وَالْخَوْفُ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الظَّنِّ الَّذِي يَتَرَجَّحُ وُجُودَهُ عَلَى عَدَمِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَأْتِي بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ عَلَى بَابِهِ مِنْ الظَّنِّ لَا مِنْ الْيَقِينِ؛ التَّقْدِيرُ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّقْصِيرُ فِي الْقِسْطِ لِلْيَتِيمَةِ فَلْيَعْدِلْ عَنْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: دَلِيلُ الْخِطَابِ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهِ؛ فَإِنَّ دَلِيلَ خِطَابِ هَذِهِ الْآيَةِ سَاقِطٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْسِطُ لِلْيَتِيمَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ سِوَاهَا، كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ إذَا خَافَ أَلَّا يُقْسِطَ.
[مَسْأَلَةٌ نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ {فِي الْيَتَامَى} [النساء: ٣] فِي تَجْوِيزِ نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ وَتُسْتَأْمَرَ وَيَصِحَّ إذْنُهَا. وَفِي بَعْضِ رِوَايَتِنَا إذَا افْتَقَرَتْ أَوْ عَدِمَتْ الصِّيَانَةَ جَازَ إنْكَاحُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ. وَالْمُخْتَارُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ يَتِيمَةً قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ هِيَ امْرَأَةٌ مُطْلَقَةٌ لَا يَتِيمَةٌ. قُلْنَا: الْمُرَادُ بِهِ يَتِيمَةٌ بَالِغَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النساء: ١٢٧] وَهُوَ اسْمٌ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْكِبَارِ، وَكَذَلِكَ قَالَ: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} [النساء: ١٢٧] فَرَاعَى لَفْظَ النِّسَاءِ، وَيُحْمَلُ الْيُتْمُ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ لِلِاسْمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute