أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَائِزٌ.
وَالْآخَرُ: لَا يَجُوزُ.
وَاَلَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي فِيهِ التَّقْسِيمُ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَخْلُو أَنْ تَكُونَ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا جَازَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا بِيَدِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْوَلِيِّ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ، وَلَا يَمْتَنِعُ الْعِوَضُ عَنْهُ، كَمَا يَأْخُذُهُ الْوَكِيلُ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ.
وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَانَ الْعَقْدُ بِيَدِهِ، فَكَأَنَّهُ عِوَضٌ فِي النِّكَاحِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَثَبَتَ بَعْدَهُ عَلَى مَشْهُورِ الرِّوَايَةِ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَمْ يَكُنْ اشْتِرَاطُ صَالِحِ مَدْيَنَ عَلَى مُوسَى مَهْرًا، وَإِنَّمَا كَانَ كُلَّهُ لِنَفْسِهِ، وَتَرَكَ الْمَهْرَ مُفَوَّضًا. وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ.
قُلْنَا: كَانَتْ بِكْرًا، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَا يُظَنُّ بِالْفُضَلَاءِ، فَكَيْفَ بِالْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -.
[مَسْأَلَة أُجْرَةُ مُوسَى]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:
لَمْ يُنْقَلْ مَا كَانَتْ أُجْرَةُ مُوسَى، وَلَكِنْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ أَنَّ صَالِحَ مَدْيَنَ جَعَلَ لِمُوسَى كُلَّ سَخْلَةٍ تُوضَعُ خِلَافَ لَوْنِ أُمِّهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى مُوسَى: أَلْقِ عَصَاك بَيْنَهُنَّ يَلِدْنَ خِلَافَ شَبَهِهِنَّ كُلِّهِنَّ.
وَاَلَّذِي رَوَى عُتْبَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ السُّلَمِيُّ وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الْأَجَلَيْنِ أَوْفَى مُوسَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوْفَاهُمَا وَأَبَرُّهُمَا». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ مُوسَى لَمَّا أَرَادَ فِرَاقَ شُعَيْبٍ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَسْأَلَ أَبَاهَا عَنْ نِتَاجِ غَنَمِهِ مَا يَعِيشُونَ بِهِ. ". فَأَعْطَاهَا مَا وَلَدَتْ غَنَمُهُ مِنْ قَالِبِ لَوْنِ ذَلِكَ الْعَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَمَّا وَرَدَتْ الْحَوْضَ وَقَفَ مُوسَى بِإِزَاءِ الْحَوْضِ فَلَمْ تَمُرَّ بِهِ شَاةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute