شَاءَ انْتَقَلَ إلَى الْأَعْلَى وَهُوَ الْإِعْتَاقُ، وَبَدَأَ فِي الظِّهَارِ بِالْأَشَدِّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ؛ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَنْتَقِلَ لَمْ يَقْدِرْ، وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ لَهُ تَأْوِيلًا بِالْعِرَاقِ حَيْثُ الْبُرُّ ثَلَاثُمِائَةٍ رِطْلٍ بِدِينَارٍ إذَا طُلِبَ، فَإِذَا زُهِدَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ. فَأَمَّا بِالْحِجَازِ حَيْثُ الْبُرُّ فِيهِ إذَا رَخُصَ أَرْبَعَةُ آصُعٍ وَخَمْسَةُ آصُعٍ بِدِينَارٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ فِيهِ أَرْخَصُ، وَالْحَاجَةَ إلَى الطَّعَامِ أَعْظَمُ، فَقَدْ يُوجَدُ فِيهَا عَبْدٌ بِدِينَارٍ، وَلَكِنْ يُخْرِجُهُ مِنْ الرِّقِّ إلَى الْجُوعِ، وَيَتَفَادَى مِنْهُ سَيِّدَهُ.
[مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩] {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: ٨٩] يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ مَعَانٍ:
الْأَوَّلُ: احْفَظُوهَا، فَلَا تَحْلِفُوا فَتَتَوَجَّهُ عَلَيْكُمْ هَذِهِ التَّكْلِيفَاتُ.
الثَّانِي: احْفَظُوهَا إذَا حَنِثْتُمْ؛ فَبَادِرُوا إلَى مَا لَزِمَكُمْ.
الثَّالِثُ: احْفَظُوهَا فَلَا تَحْنَثُوا؛
وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْبُرُّ أَفْضَلَ أَوْ الْوَاجِبَ. وَالْكُلُّ عَلَى هَذَا مِنْ الْحِفْظِ صَحِيحٌ عَلَى وَجْهِهِ الْمَذْكُورِ وَصِفَتِهِ الْمُنْقَسِمَةِ إلَيْهِ، فَلْيُرَكَّبْ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة الثَّانِيَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ]
ُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: " اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الْعَقْلَ وَالْمَالَ " فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٩]. فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا " فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]؛ فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute