الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَهُوَ الذَّهَابُ عَنْ الْحَقِّ، أُخِذَ مِنْ ضَلَالِ الطَّرِيقِ، وَهُوَ الْعُدُولُ عَنْ سَمْتِ الْقَصْدِ، وَخُصَّ فِي الشَّرْعِ بِالْعِبَارَةِ عَنْ الْعُدُولِ عَنْ السَّدَادِ فِي الِاعْتِقَادِ دُونَ الْأَعْمَالِ.
وَمِنْ غَرِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَقِّ إذَا قَابَلَهُ غَفْلَةً، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِعَدَمِهِ جَهْلٌ أَوْ شَكٌّ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ الْعُلَمَاءُ قَوْلَهُ: {وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى} [الضحى: ٧]. الَّذِي حَقَّقَهُ قَوْلُهُ: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ} [الشورى: ٥٢].
[مَسْأَلَة اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢]؟ فَاللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ مِنْ الضَّلَالِ.
وَرَوَى يُونُسُ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ: سُئِلَ يَعْنِي مَالِكًا عَنْ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ مِنْ الْبَاطِلِ، وَاللَّعِبُ كُلُّهُ مِنْ الْبَاطِلِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِذِي الْعَقْلِ أَنْ تَنْهَاهُ اللِّحْيَةُ وَالشَّيْبُ عَنْ الْبَاطِلِ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَسْلَمَ فِي شَيْءٍ: أَمَا تَنْهَاك لِحْيَتُك هَذِهِ؟ قَالَ أَسْلَمُ: فَمَكَثْت زَمَانًا وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهَا سَتَنْهَانِي. فَقِيلَ لِمَالِكٍ لِمَا كَانَ عُمَرُ لَا يَزَالُ يَقُولُ فَيَكُونُ. فَقَالَ: نَعَمْ [فِي رَأْيِي].
وَرَوَى يُونُسُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَلْعَبُ مَعَ امْرَأَتِهِ فِي بَيْتِهِ. فَقَالَ مَالِكٌ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّعِبُ؛ يَقُولُ اللَّهُ: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢]، وَهَذَا مِنْ الْبَاطِلِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خِدَاشٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ قَالَ: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢]. رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْجُهَنِيُّ؛ قَالَ: قُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: أَدْعُو الرَّجُلَ لِعَبَثِي. فَقَالَ مَالِكٌ: أَذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ؟ قُلْت: لَا. قَالَ: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute