الثَّالِثُ: لِلْفَضْلَيْنِ: إنَّ الزَّكَاةَ إذَا أَخَذَهَا الْوُلَاةُ، وَمَنَعُوهَا مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا، فَبَقِيَ الْمَحَاوِيجُ فَوْضَى؛ هَلْ يَتَعَلَّقُ إثْمُهُمْ بِالنَّاسِ أَمْ يَكُونُ عَلَى الْوَالِي خَاصَّةً؟ فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنْ عَلِمَ أَحَدٌ بِخَلَّةِ مِسْكِينٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ سَدُّهَا دُونَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِهَا سِوَاهُ، فَيَتَعَلَّقُ الْفَرْضُ بِجَمِيعِ مَنْ عَلِمَهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ.
[الْآيَة الْمُوفِيَة أَرْبَعِينَ قَوْله تَعَالَى أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ]
ُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: ٧٨] قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: {بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: ٧٨] هِيَ قُصُورُ السَّمَاءِ، أَلَّا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: ١]. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَالْبُرُوجُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا عِنْدَ الْعَرَبِ، وَعِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَمِ: الْحَمَلُ، الثَّوْرُ، الْجَوْزَاءُ، السَّرَطَانُ، الْأَسَدُ، السُّنْبُلَةُ، الْمِيزَانُ، الْعَقْرَبُ، الْقَوْسُ، الْجَدْيُ، الدَّلْوُ، الْحُوتُ. وَقَدْ يُسَمُّونَ الْحَمَلَ الْكَبْشَ، وَالْجَوْزَاءَ التَّوْأَمَيْنِ، وَالسُّنْبُلَةَ الْعَذْرَاءَ، وَالْعَقْرَبَ الصُّورَةَ، وَالْقَوْسَ الرَّامِيَ، وَالْحُوتَ السَّمَكَةَ. وَتُسَمَّى أَيْضًا الدَّلْوَ الرَّشَا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: خَلَقَ اللَّهُ هَذِهِ الْبُرُوجَ مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَقَدَّرَ فِيهَا، وَرَتَّبَ الْأَزْمِنَةَ عَلَيْهَا، وَجَعَلَهَا جَنُوبِيَّةً وَشَمَالِيَّةً، دَلِيلًا عَلَى الْمَصَالِحِ، وَعَلَمًا عَلَى الْقِبْلَةِ، وَطَرِيقًا إلَى تَحْصِيلِ آنَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، لِمَعْرِفَةِ أَوْقَاتِ التَّهَجُّدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَعَاشِ وَالتَّعَبُّدِ، وَسَنَسْتَوْفِي ذَلِكَ بَيَانًا فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانٍ ذَاهِبٌ كُلُّهُ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة الْحَادِيَة وَالْأَرْبَعُونَ قَوْله تَعَالَى فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إلَّا نَفْسَكَ]
الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ:
قَوْله تَعَالَى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلا} [النساء: ٨٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute