وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي نِسْبَتِهَا لِشَيْءٍ تَرَكَّبَ مِثْلُهُ، وَفِي قَوْلِهِمْ: الْوَاحِدُ ثُلُثُ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ تَرَكَّبَ مِثْلَيْهِ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ النَّسَبِ، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَتَحَاشَ عَنْ هَذَا الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مَنْظُومٌ، وَالْمَعْنَى مَفْهُومٌ؛ وَوَجْهُ الْمَجَازِ فِيهِ ظَاهِرٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ]
ِ} [القدر: ٥]: فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {سَلامٌ هِيَ} [القدر: ٥]، فَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ هَاهُنَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلَ إنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَلَامَةٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لَا يَحْدُثُ فِيهَا حَدَثٌ، وَلَا يُرْسَلُ فِيهَا شَيْطَانٌ.
الثَّانِي إنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ هِيَ كُلُّهَا خَيْرٌ وَبَرَكَةٌ.
الثَّالِثَ إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتُسَلِّمُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ. وَذَلِكَ كُلُّهُ صَحِيحٌ فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ الْعُمُومِ فِي الْإِثْبَاتِ إذَا كَانَ مَصْدَرًا أَوْ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ؛ بِخِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَعْلَامِ، فَإِنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْعُمُومَ بِالْإِثْبَاتِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْمُلْجِئَةِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ.
[مَسْأَلَة تَحْرِير لَيْلَة الْقَدْر]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: " هِيَ " نَزَعَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا حُرُوفَ السُّورَةِ، فَلَمَّا بَلَغُوا إلَى قَوْلِهِمْ: (هِيَ) وَجَدُوهَا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا، فَحَكَمُوا عَلَيْهِ بِهَا، وَهُوَ أَمْرٌ بَيِّنٌ، وَعَلَى النَّظَرِ بَعْدَ التَّفَطُّنِ لَهُ هَيِّنٌ، وَلَا يَهْتَدِي لَهُ إلَّا مَنْ كَانَ صَادِقَ الْفِكْرِ، شَدِيدَ الْعِبْرَةِ، وَقَدْ أَشْبَعْت الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
فِي كِتَابِ شَرْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute