وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فِي تَقْدِيرِهَا: عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَبَنَاهَا عَلَى نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَعُمَرُ مَعَ الصَّحَابَةِ قَدْ عَلِمُوا نِصَابَ الزَّكَاةِ حِينَ قَدَّرُوهَا بِاثْنَيْ عَشْرَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَهُوَ بَدِيعٌ، فَلْيُنْظَرْ فِيهِ مَنْ أَرَادَ تَمَامَ الْعِلْمِ بِهِ.
[مَسْأَلَة الدِّيَةُ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ أَخْمَاسًا]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: هِيَ فِي الْإِبِلِ أَخْمَاسٌ: بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَبَنَاتُ لَبُونٍ، وَبَنُو لَبُونٍ، وَحِقَاقٌ، وَجِذَاعٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ أَخْمَاسٌ، إلَّا أَنَّ مِنْهَا بَنِي مَخَاضٍ دُونَ بَنِي لَبُونٍ. وَدَلِيلُنَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ دِيَةَ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا، فَقَالَ: عِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ»، وَلَمْ يَذْكُرْ بَنِي مَخَاضٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد كُوفِيًّا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا مَعْنَى مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ شَيْءٌ لَا يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجِبْ فِي الدِّيَةِ كَالثَّنَايَا.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: وَهِيَ مُؤَجَّلَةٌ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، كَذَلِكَ قَضَى عُمَرُ وَعَلِيٌّ، وَهِيَ ضَرُورَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ قَدْ تَكُونُ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ حَوَامِلَ فَيَضُرُّ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِ مَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِيهِ تَكُونُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَوَابِنَ، وَوَجَبَتْ مُوَاسَاةً وَرِفْقًا، فَتُؤْخَذُ مِنْهَا بِذَلِكَ،. «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِيهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً لِأَغْرَاضٍ»: مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يُعْطِيهَا صُلْحًا وَتَسْدِيدًا. وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يُعَجِّلُهَا تَأْلِيفًا، فَلَمَّا وُجِدَ الْإِسْلَامُ قَرَّرَتْهَا الصَّحَابَةُ عَلَى هَذَا النِّظَامِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: وَلَا مَدْخَلَ فِيهَا لِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ ثِيَابٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ بَقَرٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَمَهَّدَتْ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ عَلَى هَذَا، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute