[الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ]
الْآيَةُ السَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: ٨]. تَقَدَّمَ أَكْثَرُ مَعْنَاهَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ ذِكْرِنَا لِنَظِيرَتِهَا، وَنَحْنُ نُعِيدُ ذِكْرَ مَا تَجَدَّدَ هَاهُنَا مِنْهَا، وَنُعِيدُ مَا تَحْسُنُ إعَادَتُهُ فِيهَا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، ذَهَبَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَسْتَعِينَ بِهِمْ فِي دِيَةِ الْعَامِرِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ فَوَعَدُوهُ ثُمَّ هَمُّوا بِغَدْرِهِ، فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ عَنْهُمْ، وَأَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَلَّا يُحَمِّلَهُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْحَالَةِ الْمُبْغِضَةِ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْحَقِّ فِيهَا قَضَاءً أَوْ شَهَادَةً.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: ٨]: أَوْ " قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ " سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ قِيَامُهُ لِلَّهِ فَشَهَادَتُهُ وَعَمَلُهُ يَكُونُ بِالْعَدْلِ، وَمَنْ كَانَ قِيَامُهُ بِالْعَدْلِ فَشَهَادَتُهُ وَعَمَلُهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ؛ لِارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ ارْتِبَاطَ الْأَصْلِ بِالْفَرْعِ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْقِيَامُ لِلَّهِ وَالْعَدْلُ مُرْتَبِطٌ بِهِ.
[مَسْأَلَةُ نُفُوذِ حُكْمِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي اللَّهِ تَعَالَى]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا} [المائدة: ٨]: يُرِيدُ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ عَلَى الْعُدُولِ عَنْ الْحَقِّ؛ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى نُفُوذِ حُكْمِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَ [نُفُوذُ] شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْعَدْلِ، وَإِنْ أَبْغَضَهُ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ عَلَيْهِ وَشَهَادَتُهُ لَا تَجُوزُ فِيهِ مَعَ الْبُغْضِ لَهُ لَمَا كَانَ لِأَمْرِهِ بِالْعَدْلِ فِيهِ وَجْهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute