للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَاحِدَةً، وَهَذَا مِنْ رَكِيكِ الْبَيَانِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِالْقُرْآنِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِمَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ حِينَ أَسْلَمَ، وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ: اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ».

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: مِنْ الْبَيِّنِ عَلَى مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي نِكَاحِ أَرْبَعٍ؛ لِأَنَّهَا خِطَابٌ لِمَنْ وَلِيَ وَمَلَكَ وَتَوَلَّى وَتَوَصَّى، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتُ الْأَحْرَارِ الْمَالِكِينَ الَّذِينَ يَلُونَ الْأَيْتَامَ تَحْتَ نَظَرِهِمْ؛ يَنْكِحُ إذَا رَأَى، وَيَتَوَقَّفُ إذَا أَرَادَ. ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْكِحُ إلَّا اثْنَتَيْنِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ، وَفِي مَشْهُورِ قَوْلَيْهِ إنَّهُ يَتَزَوَّجُ أَرْبَعًا مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، وَذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا]

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا} [النساء: ٣] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: مَعْنَاهُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالتَّسْوِيَةِ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَهُوَ فَرْضٌ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَمِدُهُ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ، إذَا فَعَلَ الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ وَوَجَدَ قَلْبَهُ الْكَرِيمَ السَّلِيمَ يَمِيلُ إلَى عَائِشَةَ: «اللَّهُمَّ هَذِهِ قُدْرَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» يَعْنِي قَلْبَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْ أَحَدًا صَرْفَ قَلْبِهِ عَنْ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَرُبَّمَا فَاتَ الْقُدْرَةَ؛ وَأَخَذَ الْخَلْقَ بِاعْتِدَادِ الظَّاهِرِ لِتَيَسُّرِهِ عَلَى الْعَاقِلِ، فَإِذَا قَدَرَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ وَمِنْ بِنْيَتِهِ عَلَى نِكَاحِ أَرْبَعٍ فَلْيَفْعَلْ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلُ مَالُهُ وَلَا بِنْيَتُهُ فِي الْبَاءَةِ ذَلِكَ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَاحِدَةٌ أَنَّهُ إنْ نَالَهَا فَحَسَنٌ وَإِنْ قَعَدَ عَنْهَا هَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ أَنْ تَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>