للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: فِي تَأْكِيدِ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] وَتَتْمِيمُهُ: وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] مُنِعْتُمْ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ بِعَدُوٍّ فَفِيهِ نَزَلَتْ الْآيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ يَحِلُّ فِي مَوْضِعِهِ، وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَيَنْحَرُ هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَهُ، أَوْ يَسْتَأْنِفُ هَدْيًا كَمَا تَقَدَّمَ.

وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ بِمَرَضٍ لَمْ يَحِلَّهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا إلَّا الْبَيْتُ، فَخِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، حَيْثُ أَجْرَى الْآيَةَ عَلَى عُمُومِهَا أَخْذًا بِمُطْلَقِ الْمَنْعِ.

وَزَادَ أَصْحَابُهُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ يُقَالُ: حَصَرَهُ الْعَدُوُّ وَأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ؛ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالْكِسَائِيُّ.

قُلْنَا: قَالَ غَيْرُهُمَا عَكْسَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ.

وَحَقِيقَتُهُ هَاهُنَا مَنْعُ الْعَدُوِّ؛ فَإِنَّهُ مَنَعَهُمْ، وَلَمْ يَحْبِسْهُمْ، وَالْمَنْعُ كَانَ مُضَافًا إلَى الْبَيْتِ، فَلِذَلِكَ حَلَّ فِي مَوْضِعِهِ، وَهَذَا الْمَرِيضُ الْمَنْعُ مُضَافٌ إلَيْهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَصِيرَ إلَى مَوْضِعِ الْحِلِّ.

وَلِلْقَوْمِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ، وَآثَارٌ عَنْ السَّلَفِ أَكْثَرُهَا مُعَنْعَنٌ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِحْصَار فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْإِحْصَارَ عَامٌّ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا إحْصَارَ فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>