وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ الْمَالَ وَمَا يَدْرِيهِ لَعَلَّ هَلَاكَهُ فِيهِ. وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا تَمَنَّاهُ لِلدُّنْيَا، وَأَمَّا إذَا تَمَنَّاهُ لِلْخَيْرِ فَقَدْ جَوَّزَهُ الشَّرْعُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ فَيَتَمَنَّاهُ الْعَبْدُ لِيَصِلَ بِهِ إلَى الرَّبِّ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: ٣٢]: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: أَمَّا نَصِيبُهُمْ فِي الْأَجْرِ فَسَوَاءٌ؛ كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَذَلِكَ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ. وَأَمَّا نَصِيبُهُمْ فِي مَالِ الدُّنْيَا فَبِحَسَبِ مَا عَلِمَهُ اللَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَرَكَّبَ الْخَلْقَ عَلَيْهِ مِنْ التَّقْدِيرِ وَالتَّدْبِيرِ رَتَّبَ أَنْصِبَاءَهُمْ، فَلَا تَتَمَنَّوْا مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ وَأَحْكَمَ بِمَا عَلِمَ وَدَبَّرَ حُكْمَهُ.
[الْآيَة الْخَامِسَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ]
َ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [النساء: ٣٣]. فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمَوْلَى فِي لِسَانِ الْعَرَبِ يَنْطَلِقُ عَلَى ثَمَانِيَةِ مَعَانٍ، قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابِ " الْأَمَدِ " وَغَيْرِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ وَهُوَ الْقُرْبُ، وَتَخْتَلِفُ دَرَجَاتُ الْقُرْبِ وَأَسْبَابُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَعْنَاهُ مَوْلَى الْعَصَبَةِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: ٣٣]. وَلَيْسَ بَعْدَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إلَّا الْعَصَبَةُ، وَيُفَسِّرُهُ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute