ثُمَّ قَالَ الْأَنْصَارُ بَعْدُ: أَنْ امْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أُمِرْت، فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَوْ اسْتَعْرَضْت بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْته لَخُضْنَاهُ مَعَك. فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى الْتَقَى بِالْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ، فَمَنَعُوا الْمَاءَ، وَالْتَقَوْا، وَنَصَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ وَأَصْحَابَهُ، فَقَتَلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ سَبْعِينَ وَأَسَرَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا كَانَ مَعَهُمْ».
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ: عَلَيْك بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ. فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي الْأَسْرَى: لَا يَصْلُحُ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَك إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَعْطَاك مَا وَعَدَك. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَدَقْت. وَعَلِمَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ مِنْ تَحَدُّثِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ بَدْرٍ، فَسَمِعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ.»
[مَسْأَلَة النَّفْرِ لِلْغَنِيمَةِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: خُرُوجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَتَلَقَّى الْعِيرَ بِالْأَمْوَالِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ النَّفْرِ لِلْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبٌ حَلَالٌ، وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إنَّ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُونَ مَنْ يُقَاتِلُ لِلْغَنِيمَةِ» يُرَادُ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَصْدَهُ وَحْدَهُ، لَيْسَ لِلدِّينِ فِيهِ حَظٌّ.
[مَسْأَلَة الْمَوْتَ لَيْسَ بِعَدَمٍ مَحْضٍ وَلَا فَنَاءٍ صِرْفٍ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: ٧]، فَقَالَ مَالِكٌ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ قَلِيبِ بَدْرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ: قَدْ وَجَدْنَا مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute