فِي الْعَقِيدَةِ، وَالْمُخَالَفَةُ فِي الْفِعْلِ، وَصَاحِبُهَا يُقَالُ لَهُ صِدِّيقٌ، وَهِيَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَمَنْ دُونَهُمَا عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَأَزْمَانِهِمْ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالثَّانِي: فَهُوَ مُعْظَمُ الصِّدْقِ، وَمَنْ أَتَى الْمُعَظَّمَ فَيُوشِكُ أَنْ يَتْبَعَهُ الْأَقَلُّ، وَهُوَ مَعْنَى الْخَامِسِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهُ، وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ ذِكْرُهُ.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: فَهُوَ الَّذِي يَعُمُّ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الصِّفَاتِ مَوْجُودَةٌ فِيهِمْ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الرَّابِعُ: فَصَحِيحٌ وَهُوَ بَعْضُهُ أَيْضًا، وَيَكُونُ الْمُخَاطَبُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ.
وَالسَّادِسُ: تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ.
وَالسَّابِعُ: يَكُونُ الْمُخَاطَبُ الثَّمَانِينَ رَجُلًا الَّذِينَ تَخَلَّفُوا وَاعْتَذَرُوا وَكَذَبُوا، أُمِرُوا أَنْ يَكُونُوا مَعَ الثَّلَاثَةِ الصَّادِقِينَ؛ وَيَدْخُلُ هَذَا فِي جُمْلَةِ الصِّدْقِ.
[مَسْأَلَة حَقِيقَةُ التَّقْوَى]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [التوبة: ١١٩]: قَدْ تَقَدَّمَتْ حَقِيقَةُ التَّقْوَى، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ هَاهُنَا فِيهَا قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اخْتَلَقُوا الْكَذِبَ.
وَالثَّانِي: فِي تَرْكِ الْجِهَادِ، وَهُمَا بَعْضُ التَّقْوَى، وَالصَّحِيحُ عُمُومُهَا.
[مَسْأَلَة خَبَرُ الْكَاذِبِ وشَهَادَته]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْكَاذِبِ وَلَا شَهَادَتُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْكَاذِبِ فِي حَدِيثِ النَّاسِ وَإِنْ صَدَقَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقْبَلُ حَدِيثُهُ، وَالْقَبُولُ فِيهِ مَرْتَبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَوِلَايَةٌ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَنْ كَرُمَتْ خِصَالُهُ، وَلَا خَصْلَةَ هِيَ أَشَرُّ مِنْ الْكَذِبِ، فَهِيَ تَعْزِلُ الْوِلَايَاتِ، وَتُبْطِلُ الشَّهَادَاتِ.