للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ]

ِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٥].

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

قَوْله تَعَالَى: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] رَوَى الْأَئِمَّةُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إلَّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَتَّى نَزَلَتْ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥].

وَكَانَ مِنْ قِصَّةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ جَبَلَةُ فِي الْحَيِّ، فَقَالُوا: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ زَيْدٌ؟ فَقَالَ: زَيْدٌ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا وُلِدْت قَبْلَهُ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ:

كَانَتْ أُمُّنَا امْرَأَةً مِنْ طَيِّئٍ، فَمَاتَ أَبُونَا، وَبَقِينَا فِي حِجْرِ جَدِّي، فَجَاءَ عَمَّايَ، فَقَالَا لِجَدِّي: نَحْنُ أَحَقُّ بِابْنِ أَخِينَا مِنْك. فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا خَيْرٌ لَهُمَا، فَأَبَيَا. فَقَالَ: خُذَا جَبَلَةَ وَدَعَا زَيْدًا. فَانْطَلَقَا بِي، فَجَاءَتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَابَتْ زَيْدًا، فَتَرَاقَى بِهِ الْأَمْرُ إلَى خَدِيجَةَ، فَوَهَبَتْهُ خَدِيجَةَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا لَمْ يَغْزُ وَغَزَا زَيْدٌ أَعْطَاهُ سِلَاحَهُ.

وَأُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا مِرْجَلَانِ، فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا، وَأَعْطَى عَلِيًّا الْآخَرَ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ابْتَاعَهُ، وَكَانَ مَسْبِيًّا مِنْ الشَّامِ، فَوَهَبَهُ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ، فَوَهَبَتْهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَبَنَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ أَبُوهُ يَدُورُ بِالشَّامِ وَيَقُولُ:

بَكَيْت عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلٌ ... أَحَيٌّ فَيُرْجَى أَمْ أَتَى دُونَهُ الْأَجَلْ

فَوَاَللَّهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ ... أَغَالَك بَعْدِي السَّهْلُ أَمْ غَالَك الْجَبَلْ

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَك الدَّهْرُ أَوْبَةً ... فَحَسْبِي مِنْ الدُّنْيَا رُجُوعُك لِي أَمَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>