للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى]

} [طه: ١٧] {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: ١٨]. فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ} [طه: ١٧] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّمَا سَأَلَهُ عَنْهَا لَمَّا كَانَ أَضْمَرَ مِنْ الْآيَةِ لَهُ فِيهَا، حَتَّى إذَا رَجَعَ عَلَيْهَا، وَتَحَقَّقَ حَالَهَا، وَكُسِيَتْ تِلْكَ الْحُلَّةَ الثُّعْبَانِيَّةَ بِمَرْأًى مِنْهُ لِابْتِدَائِهَا كَانَ تَبْدِيلُهَا مَعَ الذِّكْرِ أَوْقَعَ فِي الْقَلْبِ وَأَيْسَرَ لَهُ مِنْ أَنْ يَغْفُلَ عَنْهَا، فَيَرَاهَا بِحُلَّةِ الثُّعْبَانِيَّةِ مَكْسُوَّةً، فَيَظُنُّ أَنَّمَا عَيَّنَ أُخْرَى سِوَاهَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: {قَالَ هِيَ عَصَايَ} [طه: ١٨] قَالَ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ: الْجَوَابُ الْمُطْلَقُ أَنْ يَقُولَ هِيَ عَصًا، وَلَا يُضِيفُ إلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكُونَا اثْنَيْنِ أَفْرَدَ عَنْهَا بِصِفَةِ الْحَيَّةِ، فَبَقِيَ وَحْدَهُ لِلَّهِ، كَمَا يُحِبُّ، حَتَّى لَا يَكُونَ مَعَهُ إلَّا اللَّهُ، يَقُولُ اللَّهُ: أَنْتَ عَبْدِي، وَيَقُولُ مُوسَى: أَنْتَ رَبِّي.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَجَابَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَوَابِ أَرْبَعَةَ مَعَانٍ، وَكَانَ يَكْفِي وَاحِدٌ قَالَ: الْإِضَافَةُ، وَالتَّوَكُّؤُ، وَالْهَشُّ، وَالْمَآرِبُ الْمُطْلَقَةُ، وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى جَوَابِ السُّؤَالِ بِأَكْثَرَ مِنْ مُقْتَضَى ظَاهِرِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ طَهُورِ مَاءِ الْبَحْرِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْهَشُّ: هُوَ أَنْ يَضَعَ الْمِحْجَنَ فِي أَصْلِ الْغُصْنِ وَيُحَرِّكَهُ فَيَسْقُطُ مِنْهُ مَا سَقَطَ، وَيَثْبُتُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>