ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: ١٦٥].
وَأَنْشُد أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
فَأَقَامَ بِالْعَطَنِ الْمُعَطَّنِ مِنْهُمْ ... سَبْعُونَ عُتْبَةُ مِنْهُمْ وَالْأَسْوَدُ
وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: وَكَانُوا مُشْرِكِينَ، وَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَأَقَامُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا؛ لِأَنَّ الْمُفَسِّرِينَ رَوَوْا أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ: إنَّ الْأَسْرَى قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: آمَنَّا بِك وَبِمَا جِئْت بِهِ وَلَنَنْصَحَنَّ لَك عَلَى قَوْمِنَا، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى} [الأنفال: ٧٠]، قَالَ الْعَبَّاسُ: اُفْتُدِيت بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَقَدْ آتَانِي اللَّهُ أَرْبَعِينَ عَبْدًا، وَإِنِّي لَأَرْجُو الْمَغْفِرَةَ.
وَهَذَا كُلُّهُ ضَعَّفَهُ مَالِكٌ، وَاحْتَجَّ عَلَى إبْطَالِهِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ رُجُوعِهِمْ إلَى مَوْضِعِهِمْ، وَزِيَادَةً عَلَيْهِ أَنَّهُمْ غَزَوْهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
[مَسْأَلَة تَكْلِيفِ الْجِهَادِ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يَدُلُّ قَوْلُهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفال: ٦٧] عَلَى تَكْلِيفِ الْجِهَادِ لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ.
قُلْنَا: كَانَ الْجِهَادُ وَاجِبًا عَلَى أَنْبِيَاءٍ قَبْلَ مُحَمَّدٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَسْرَى وَلَا غَنِيمَةٌ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [الأنفال: ٦٧] مَا كَانَ لَك يَا مُحَمَّدُ أَنْ يَكُونَ لَك أَسْرَى حَتَّى يَغْلُظَ قَتْلُك فِي الْأَرْضِ، وَتَثْبُتَ هَيْبَتُك فِي النُّفُوسِ.
[الْآيَة الْمُوفِيَة عشرين قَوْله تَعَالَى لَوْلَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ]
الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ:
قَوْله تَعَالَى: {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٦٨].