فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ بَنَى دَارًا، وَلَمْ يَسْكُنْهَا، أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَبْنِ بِهَا، أَوْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الرُّجُوعِ. قَالَ: فَلَقِيَ الْعَدُوَّ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ؛ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنِّي مَأْمُورٌ فَاحْبِسْهَا حَتَّى تَقْضِيَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعُوا الْغَنَائِمَ فَلَمْ تَأْكُلْهَا النَّارُ».
قَالَ: «وَكَانُوا إذَا غَنِمُوا غَنِيمَةً بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا نَارًا فَأَكَلَتْهَا، فَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: إنَّكُمْ غَلَلْتُمْ فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَبَايَعُوهُ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِيَدِهِ، فَقَالَ لَهُ: إنَّ أَصْحَابَك قَدْ غَلُّوا فَأْتِنِي بِهِمْ فَلْيُبَايِعُونِي، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ بِيَدِهِ، فَقَالَ لَهُمَا: إنَّكُمَا قَدْ غَلَلْتُمَا، فَقَالَا: أَجَلْ، قَدْ غَلَلْنَا صُورَةَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَاءَا بِهَا، فَطُرِحَتْ فِي الْغَنَائِمِ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا النَّارَ فَأَكَلَتْهَا».
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ أَطْعَمَنَا الْغَنَائِمَ رَحْمَةً رَحِمَنَا بِهَا، وَتَخْفِيفًا خَفَّفَ عَنَّا لِمَا عَلِمَ مِنْ ضَعْفِنَا».
قَالَ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَجْهَ هَذِهِ النِّعْمَةِ وَفَائِدَةَ مَا فِيهَا مِنْ حِكْمَةٍ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ رِزْقَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ مِنْ أَفْضَلِ وُجُوهِ الْكَسْبِ، وَهِيَ جِهَةُ الْقَهْرِ وَالِاسْتِعْلَاءِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ، مِنْ قَبْلِكُمْ كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسْرَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: ٦٨] إلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute