للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنَاثِ مَخَافَةَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ، وَعَدَمَ النُّصْرَةِ مِنْهُنَّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ مِنْ قَتْلِ وَلَدِهِ إمَّا خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ؛ لَكِنَّ هَذَا أَقْوَى فِيهَا.

وَقَدْ قَدَّمَنَا بَيَانَ الْقَوْلِ فِي جَرَيَانِ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٣١]. الْخَاءُ وَالطَّاءُ وَالْهَمْزَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْقَصْدِ، وَبِعَدَمِ الْقَصْدِ، تَقُولُ: خَطِئْت إذَا تَعَمَّدْت، وَأَخْطَأْت إذَا تَعَمَّدْت وَجْهًا وَأَصَبْت غَيْرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ الْخَطَأُ مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ، وَهُوَ مَعْنًى مُتَرَدِّدٌ كَمَا بَيَّنَّا، لِقَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: ٩٢]

[الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ]

ِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: ٣٣] فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ} [الإسراء: ٣٣]: الْمَعْنَى لِلْقَرِيبِ مِنْهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَلِيِّ، وَهُوَ الْقُرْبُ عَلَى مَا حَقَقْنَاهُ فِي " كِتَابِ الْأَمَدِ الْأَقْصَى " وَالْقُرْبُ فِي الْمَعَانِي لَيْسَ بِالْمَسَافَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالصِّفَاتِ، وَالصِّفَةُ الَّتِي بِهَا كَانَ قَرِيبًا هِيَ النَّسَبُ الَّذِي هُوَ الْبَعْضِيَّةُ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَعْضِيَّةِ فَهُوَ وَلِيٌّ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ الْوَارِثُ مُطْلَقًا، فَكُلُّ مَنْ وَرِثَهُ فَهُوَ وَلِيُّهُ. وَعَلَى ذَلِكَ وَرَدَ لَفْظُ الْوِلَايَةِ فِي الْقُرْآنِ. وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْقِصَاصَ رَدْعًا عَنْ الْإِتْلَافِ، وَحَيَاةً لِلْبَاقِينَ؛ وَظَاهِرُهُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لِجَمِيعِ النَّاسِ، كَالْحُدُودِ وَالزَّوَاجِرِ عَنْ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا، حَتَّى لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>