للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمَّاهَا بِصِفَتِهَا لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى اخْتِيَارِهَا، وَتَعْيِينِ الْأَفْضَلِ مِنْهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ مَا اُخْتِيرَ لَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ وَعَطَاءٍ أَنَّ الْبَقَرَةَ يُقَالُ لَهَا بَدَنَةٌ

وَحَكَى ابْنُ شَجَرَةَ أَنَّهُ يُقَالُ فِي الْغَنَمِ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَالْبُدْنُ هِيَ الْإِبِلُ. وَالْهَدْيُ عَامٌّ فِي الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: ٣٦]

وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهَا بَعْضُ الشَّعَائِرِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: ٣٦]

يَعْنِي مَنْفَعَةَ اللِّبَاسِ وَالْمَعَاشِ وَالرُّكُوبِ وَالْأَجْرِ، فَأَمَّا الْأَجْرُ فَهُوَ خَيْرٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ خَيْرٌ إذَا قَوَّى عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ.

[مَسْأَلَة قِرَاءَة قَوْله تَعَالَى فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦]:

فِيهَا ثَلَاثُ قِرَاءَاتٍ: صَوَافَّ بِفَاءٍ مُطْلَقَةٍ، قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. صَوَافِنَ بِنُونٍ، قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. صَوَافِّي بِيَاءٍ مُعْجَمَةٍ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا، قِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

فَأَمَّا قَوْلُ صَوَافَّ فَمِنْ صَفَّ يَصُفُّ إذَا كَانَتْ جُمْلَةً؛ مِنْ مَقَامٍ أَوْ قُعُودٍ، أَوْ مُشَاةٍ، بَعْضُهَا إلَى جَانِبِ بَعْضٍ عَلَى الِاسْتِوَاءِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهَا هَاهُنَا صَفَّتْ قَوَائِمَهَا فِي حَالِ نَحْرِهَا، أَوْ صَفَّتْ أَيْدِيَهَا قَالَ مُجَاهِدٌ.

وَأَمَّا صَوَافِنُ فَالصَّافِنُ هُوَ الْقَائِمُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَثْنِي إحْدَى رِجْلَيْهِ.

وَأَمَّا صَوَافِّي فَهُوَ جَمْعُ صَافِيَةٍ، وَهِيَ الَّتِي أَخْلَصَتْ لِلَّهِ نِيَّةً وَجَلَالًا، وَإِشْعَارًا وَتَقْلِيدًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا إشْعَارَ، وَهُوَ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ؛ وَكَأَنَّهُ لَا خَبَرَ عِنْدَهُ لِلسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَا لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَعَاضِدَةِ، فَهِيَ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ وَمَعَهُ وَالْخُلَفَاءُ لِلْإِشْعَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>